اليوم روسيا تعيدنا إلى الماضي منذ الخمسينيات عندما اجتاح السوفييتي المجر والتشيك في الستينيات، وأخيراً جورجيا عام 2008، لتؤكد دائماً بأن الدب الروسي مايزال قوياً واللعب على حدوده هو خط أحمر، فروسيا كما تعلمون بلد قوي عسكرياً وأكبر من العقوبات الدولية وهو ينتج بما يقدر 11% من مجموع ما يستهلكه العالم من النفط ويصدّر بما يقدر 30% مما تستهلكه أوروبا من الغاز بما يقدر بحوالي 160 بليون متر مكعب - يمر 80% منها عبر الأراضي الأوكرانية - إلا أنه ليس سبب الغزو بقدر الهاجس الجيوسياسي حول حدودها.
اليوم أكثر المتوجعين هو الاقتصاد الروسي نفسه، وهو منذ بداية العام يعاني تآكل سعر صرف العملة المحلية "الروبل" قياساً بالدولار، حيث انخفض سعر الصرف من 33 روبل لكل دولار إلى 35، ومع الأزمة اقترب من سقف 37 - حتى كتابة هذه السطور - وهو يزيد مخاوف التضخم ويذكر بالأزمة الاقتصادية في آخر التسعينيات والتي أجبرت "يلتسن" على ترك السلطة متحججاً بوضعه الصحي.
العالم كله متخوف سياسياً واقتصادياً وهو يرى القلاقل الدولية وأسعار النفط تلامس 112 دولاراً للبرميل، وما هي آفاق الأزمة؟ في نظري المتواضع أن روسيا هي سيدة الموقف، ولكن الدب الروسي يضعف عند بطنه وجوعه، كسنجر لم يفهم الاتحاد السوفييتي وروسيا مثل ما فهم إسرائيل لأنه يهودي، أما برنجنسكي فهو من فهم طبيعة روسيا بسبب أصوله البولندية الحاقدة على روسيا، وفي أغلب كتبه كان يتطرق أن الاتحاد سينهار من الداخل وهذا ما صار لأسباب اقتصادية.
بوتين ثبت بسبب التنمية والإصلاح الذي قام به وحبب فيه شعبه، رغم ما فيه من عنف في فترته الأولى، واليوم بدأ يخسر، تآكل العملة الروسية بدأ قبل الأزمة، حتى سوق رؤوس الأموال الروسي أخذ يتذبذب ويتآكل، وبعد الأزمة في يوم "انسلخ" عشر قيمته ولن يستطيع مقاومة غضب شعبة والرفض النفسي على المدى البعيد من الأكرانيين على المدى البعيد.. وأتوقع أن يصل إلى تسوية قريبة ترضيه وتهدئ الموقف غير المبرر اقتصادياً حتى للروس، ولكن حلم التحول الاقتصادي الروسي اتضح أنه لم يتحقق وليس بقريب ولا أظنه في عقل بوتين.
نقلا عن جريدة الرياض
موضوع تستحق عليه التقدير
روسيا ترى نفسها وصية على دول الإتحاد السوفييتي السابقة .. وأقوى ما ساعد بوتين على الوقوف والثبات هوَ أسعار النفط