أنريده مجتمعاً خليجياً أم نحوله لمجلس؟!

04/03/2014 1
د. إحسان بوحليقة

في العام 1960 نشر البرفسور كندلبرجر بحثاً في مجلة السياسة العالمية التي تصدر عن جامعة كمبردج، بعنوان «الأسس الفنية للتكامل الاقتصادي»، وبين أن الأسس المتينة للسياسة هي اقتصادية في الأساس، ومع مرور الوقت أدرك العالم أن تلك الأسس ليست اقتصادية فحسب بل اجتماعية-اقتصادية.

في العام 1997 وقعت دول «الآسيان» رؤيتها للعام 2020.

ويبدو أن رابطة «الآسيان» تتحدى ذاتها، فلم تنتظر قدوم العام 2020 بل استبقته بإطلاق مبادرة ريادية في العام 2007، للإسراع بإنشاء «مجتمع الآسيان» (Asean Community).

وبالتأكيد فإن مساعي «الآسيان» تكتنفها التحديات، ومع ذلك فمبادرتهم لإقامة «مجتمع الآسيان» تستوجب التأمل العميق؛ أما دول مجلس التعاون الست هي مجتمع قائم منذ القدم.

ما ينقصنا، مقارنة بمجموعة «الآسيان»، أمران: الأول، الإزالة المتدرجة للحواجز المستجدة.

الثاني، الإنجاز الجاد ضمن رؤية ترتكز إلى أن المجتمع وأنشطته (بما فيها الاقتصاد) هو الأهم؛ فهو محرك دائب الدوران منذ بداية التحضر في منطقتنا.

هناك اهتمامات وطنية وإقليمية وعالمية، وهناك اهتمامات خليجية وما وراء الخليجية.

السؤال: ما هي اهتماماتنا الخليجية؟ والقصد بالاهتمامات هنا؛ تلك التي تطور حرية الأشخاص اجتماعياً واقتصادياً.

وطلباً للتحديد، فيمكن صياغة السؤال بوضوح أكثر: ما هي المبادرات والإنجازات التي اتخذناها على مستوى دول مجلس التعاون لتعزيز المواطنة الخليجية للأشخاص؟ سؤالي ليس نظرياً، إذ لا بد أن تنطلق الإجابة مما نُفذ وينفذ، وليس من مجرد ما قُرر.

كمواطن خليجي، أتفهم أن تستغرق الحكومة في اهتماماتها المحلية، شرط إدراك أن اهتمامها بمحيطها اللصيق يقع في صلب انشغالاتها المحلية، وأن دول مجلس التعاون هي المحيط اللصيق لبعضها البعض.

وهنا يتولد سؤال: هل حظيت الملفات الخليجية الاجتماعية-الاقتصادية باهتمام يَدفعهُ الإنجاز وتحقيق نتائج ضمن حيز زمني محدد أكثر من مجرد كونه «دف ورق»؟ أظن أننا مع كثرة اللجان وتتابع انعقاد اجتماعاتها وقعنا في فخ الرتابة.

ومع ذلك، فليس من الانصاف الانكار أن ثمة ملفات ساخنة قيد البحث في دهاليز مجلس التعاون، فهل من بينها ملف المجتمع الخليجي؟! ولا سبيل للاستغناء عن هذا الملف، فهو البوصلة والمرتكز، باعتبار أنه يقوم على ما جَمَعنا لقرون؛ فنحن لدينا مجتمع قائم ولسنا كحال «الآسيان» الذين يريدون إنشاء مجتمع يجمعهم!

فضلاً عن أن أوليات اكتساب أسباب القوة لأي تكتل تكمن في تقارب الدول المكونة له، بهدف تعزيز التواصل الإنساني، انطلاقا من أن تقوية الأواصر بين الناس تؤدي حتماً لمزيد من الحيوية الاجتماعية والنشاط الاقتصادي.

وبصورة أكثر تحديداً، لعلنا بحاجة لتحريك الملفات الخليجية-الخليجية ذات الصلة بالشأن الاجتماعي-الاقتصادي، بما يؤدي لإنجازها وليس لمواصلة نقاشٍ أنهك مفردات العربية على كثرتها، وتأجيلٍ ابتلع جيلاً.

وليس القصد هنا التقليل من أهمية بقية الملفات أو حتى تجاهل سخونتها والحاحها، بل القصد -كل القصد- بيان أنها ملفات -على أهميتها- ثانوية من ملف جذري هو «مجتمع الخليج العربي».

نقلا عن جريدة اليوم