في زاوية الاحد الماضي قلنا بأننا الدولة الوحيدة في العالم التي لديها ورش متخصصة لصناعة وإعادة تصدير الطبقة الوسطى للدول الفقيرة على حساب صناعة البطالة لشبابنا، وبالتالي تآكل دخل (اي انخفاض مستوى معيشة) الطبقة الوسطى لدينا.
لكن السؤال هو ما هي فائدة اتساع - او ضرر انكماش - الطبقة الوسطى اذا كانت جميع الطبقات في مجتمعنا الريعي انتاجيتها منخفضة بالنسبة لدخولها؟
فائدة اتساع الطبقة الوسطى - رغم انخفاض انتاجيتها - انها صمام الامان لضمان الاستقرار الاجتماعي والامني وكبح جماح المعارضة. بينما انكماش الطبقة الوسطى يؤدي الى اهتزاز الاستقرار الاجتماعي والامني وتنشط المعارضة.
لذا سنحاول وضع تعريف مبدئي (يحتاج للتطوير) للطبقة الوسطى يتفق مع اقتصادنا الريعي.
يمكننا القول انه - بغض النظر عن الانتاجية - يمكن قياس الطبقة الوسطى لدينا بمعيارين: احدهما المستوى التعليمي، والآخر المستوى الدخلي.
من ناحية المستوى التعليمي لا جدال ان الطبقة الوسطى تتسع، فلقد ازداد عدد المتعلمين والجامعيين وحاملي الشهادات العليا، وانخفضت نسبة الامية وانتشر الوعي بانتشار وسائل الاتصال الحديثة التي اصبحت في متناول يد جميع الطبقات.
اما من ناحية مستوى الدخول فان الفجوة بين دخول معظم الاسر (مايسمى الطبقة الوسطى) وبين دخول الاسر الغنية (قلة القلة) تتسع.
ومن هنا استنتج بعض كتابنا ان الطبقة الوسطى تنكمش - ليس بالضرورة لانخفاض دخل رب الاسرة - لكن بمعيار ازدياد الفروقات الشاسعة بين دخلها ودخل الاسر الغنية.
السير في اتجاهين متعاكسين، فمن ناحية ارتفاع المستوى التعليمي للطبقة الوسطى، ومن ناحية اخرى زيادة الفجوة بين دخولها ودخول الطبقة الغنية، جعلها تشعر بالحرمان من متع البذخ المتاحة لفئة قليلة لا مزايا لها غير ضربة الحظ العشوائية، فأصبحت الطبقة الوسطى تطمح ان تنال شيئا من هذه المتع وهذا يمكن تسميته زيادة الطموحات (كما سماه معالي وزير التخطيط).
سنحاول ان نضع معيارا تقريبيا لتقسيم العشرين مليون مواطن الى اربعة ملايين اسرة، متوسط عدد افراد الاسرة خمسة اشخاص ثم نوزعها حسب دخلها السنوي كالتالي:
الطبقة الوسطى العليا: الاسر التي يتراوح دخلها السنوي ما بين 1 – 2 مليون ريال، اي الشهري ما بين 83 – 166 الف ريال، اي نصيب الفرد الشهري ما بين 16 – 33 الف ريال. يدخل في هذه الطبقة بعض الوزراء ومن في مستواهم من رجال الاعمال وبعض اصحاب الثروات بالميراث.
وهكذا يمكن لكل اسرة تحصل على هذا المستوى من الدخل ان تعتبر نفسها من الطبقة الوسطى العليا.
الطبقة الوسطى المتوسطة: الاسر التي يتراوح دخلها السنوي مابين 288 – 999 الف ريال، اي الشهري ما بين 24 – 83 الف ريال، اي نصيب الفرد الشهري ما بين 5 – 16 الف ريال. يدخل في هذه الفئة بعض وكلاء الوزارات ومن في مستواهم من رجال الاعمال وبعض الورثة.
وهكذا يمكن لكل اسرة تحصل على هذا المستوى من الدخل ان تعتبر نفسها من الطبقة الوسطى المتوسطة.
الطبقة الوسطى الدنيا: الاسر التي يتراوح دخلها السنوي ما بين 120 - 287 الف ريال، اي الشهري ما بين 10 - 23 الف ريال، ونصيب الفرد الشهري ما بين 2 - 4.6 آلاف ريال.
وتشمل معظم موظفي الحكومة وبعض موظفي القطاع الخاص، وحتى العاطل الذي يتقاضى الفي ريال من حافز ولا يعول الا نفسه. وهكذا يمكن لكل اسرة تحصل على هذا المستوى من الدخل ان تعتبر نفسها من الطيقة الوسطى الدنيا.
نقلا عن جريدة الرياض
الطبقة الوسطى (اي المنتجة) لدينا هم الاجانب فهم الذين يقومون بأداء معظم الاعمال في البلد ويتقاضون اجورا رغم انها متدنية لكنها تعتبر عالية بالنسبة للاجور التي كان بامكانهم ان يتقاضوها في اوطانهم فيحولون جزءا كبيرا من اجورهم الى عوائلهم فتنتقل عوائلهم تلقائيا من ناحية الدخول والانفاق على تعليم ابنائهم ومستواهم الاجتماعي الى الطبقة الوسطى في بلدانهم. هكذا يمكننا ان نفاخر - ولا يلومنا احد - بأنه يوجد لدينا صناعة لانتاج الطبقات الوسطى في الدول الفقيرة فنحن نستورد الطبقات الدنيا من الدول الفقيرة ثم ندربها ميدانيا على احدث انواع الآلات العصرية ونؤهلها لتصبح طبقة منتجة ماهرة ثم نصدرها لاوطانها فتتسع الطبقة الوسطى في الدول النامية ربما على حساب تآكل دخول الطبقة الوسطى لدينا.