أسئلة محيرة حول الطاقة الشمسية

23/02/2014 0
د. سليمان الخطاف

لا شك ان منطقة الشرق الاوسط من اغنى مناطق العالم بأشعة الشمس، وبما ان الطاقة الشمسية انظف مصادر الطاقة ولا تشكل اي خطر على الانسان وبيئته، فلماذا لا يتم استغلال الصحارى الشاسعة الممتدة لآلاف الكيلومترات لتوليد الطاقة عوضاً عن حرق المصادر الاحفورية الناضبة من نفط ومشتقاته وغاز طبيعي وفحم حجري؟ ولاسيما انه بالامكان استخدام هذه المصادر كوقود لوسائل النقل وكلقيم للصناعات البتروكيماوية المختلفة.

ولماذا تتجه البلدان المختلفة في الشرق الاوسط للاستثمار في الطاقة النووية رغم خطورتها ولا تركز فقط على الطاقة الشمسية؟.

ومما يزيد الامر غرابة ان نصيب الطاقة الشمسية من طاقة العالم الاجمالية اقل من 1%. اذاً يوجد سبب رئيس لتواضع دور الطاقة الشمسية على صعيد الطاقة العالمية. ولكن يقول المختصون ان القدرة العالمية لتوليد الطاقة من الشمس تنمو سنوياً بحوالى 100%. اذاً يوجد نمو ولكن المحصلة ضعيفة.

وحتى بهذه النسبة البسيطة لاستهلاك الطاقة الشمسية بالعالم يتم توفير 200 الف برميل من النفط من الحرق يومياً بينما يستهلك العالم حوالى 90 مليون برميل من النفط يومياً. وبسبب استخدام الطاقة الشمسية يتم تجنب حوالي 35 مليون طن سنوياً من الانبعاثات الكربونية المضرة بالبيئة.

ومما يثير الدهشة اكثر ان اليابان المتطورة صناعياً تولد من الطاقة الشمسية اقل من 1% من طاقتها الكهربائية رغم فقرها الشديد بكل مصادر الطاقة.

اما الولايات المتحدة وهى رائدة بكل ماهو حديث فى مجال الطاقة فتشكل الطاقة الشمسية من منظومة مصادر الطاقة لديها اقل من 1%. وبحسب ادارة معلومات الطاقة الامريكية فان مصادر الطاقة لتوليد الكهرباء في الولايات المتحدة في عام 2012م كانت كالتالي 68% (غاز وفحم) و19% نووية و7% من مساقط المياه و5.3% رياح ومتجددة اخرى واقل من 1% طاقة شمسية.

الحقيقة ان هذا التوزيع لمصادر الطاقة فى اكثر بلد متطور في العالم يثير الدهشة ولاسيما وان الاراضي الامريكية تحتوي صحارى عدة فى نيو مكسيكو ونيفادا واريزونا.

ولكن لماذا لا يحاول الامريكيون تطوير قدراتهم وتطوير التقنية بخصوص الطاقة الشمسية وهم لديهم امكانات هائلة لا تعادلها اي دولة اخرى بالعالم؟.

ولماذا قام الامريكيون بتطوير تقنيات استخراج الزيت والغاز غير التقليدي رغم المخاطر على سلامة التربة ورغم الجدل الحاصل الان في الولايات المتحدة بخصوص تأثير هذا المصدر غير التقليدي على سلامة البيئة الامريكية.

ولقد اُستثمرت في استخراج الزيت والغاز الصخري مئات المليارات من الدولارات في امريكا الشمالية وفي الصين ويبدو ان كثيرا من دول العالم مقبلة وبنفس مفتوحة على المزيد من الاستثمار فى الغاز والزيت الصخرى.

ولكننا في نفس الوقت لم نسمع هذه الضجة عن الطاقة الشمسية رغم انها المصدر المثالي للطاقة. هل لان توليد الطاقة الشمسية لا يزال صعبا ويواجه تحديات تقنية ولوجيستية كبيرة؟ ام لان الاستثمار باهظ مقارنة بمصادر الطاقة الاخرى. ام لان تكلفة انتاج الميغاوات ساعة اعلى بكثير من تكلفة الانتاج من المصادر الاحفورية والنووية، هذا عدا تكاليف الصيانة مما ادى الى فتور وعدم الرغبة فى المزيد من الاستثمارات في الطاقة الشمسية.

الحقيقة ان هنالك الكثير من علامات الاستفهام حول هذا الموضوع. وفى هذا الاطار وبحسب مسؤولي توليد الكهرباء في منطقة الخليج فان تكلفة انتاج الميغاوات بدول مجلس التعاون باستخدم الطاقة الشمسية اعلى بسبع مرات من توليد الكهرباء باستخدام الوقود العادي.

ولا شك ان الطاقة المتجددة هي الامل للبشرية لان الطاقة الاحفورية ناضبة وهي الى زوال عاجلاً ام اجلاً ولقد قدرت ادارة معلومات الطاقة الامريكية ان 10% من طاقة العالم فى عام 2008م تم توليدها من مصادر متجددة وان هذه النسبة سوف ترتفع الى 14% بحلول 2035م.

ولكن حتى هذه المتجددة اهم مصادرها طاقة الرياح والمساقط المائية وبعض الطاقة الحيوية وتأتي الطاقة الشمسية في مؤخرة الطاقة المتجددة.

ولكن في المقابل يوجد كثير من دول العالم الفقيرة بالمصادر الاحفورية تعمل جاهدة لتطوير والاستفادة من الطاقة الشمسية.

وتبقى المانيا التي اعلنت انها ستغلق كل مفاعلاتها النووية فى عام 2020م رائدة في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وتتصدر دول العالم بذلك اذ وصلت قدرتها الى حوالى 10000 ميغاوات.

والجدير بالذكر ان 20% من مصادر توليد الكهرباء في المانيا هي من مصادر متجددة مثل الرياح والمساقط المائية والمصادر الحيوية ولكن تشكل الطاقة الشمسية 3% فقط من مصادر توليد الكهرباء.

وتم تحقيق هذه النسبة من الطاقة المتجددة في المانيا بسبب دعم الحكومة على كل ما هو متجدد. وتأتي اسبانيا في المرتبة الثانية بحوالى 3500 ميغاوات وتقدر بحوالى 3% من قدرة اسبانيا على توليد الكهرباء.

واما اليابان التى تقوم بنشر الالواح الشمسية فوق مياه المحيطات وصلت قدرتها الى 2700 ميغاوات والولايات المتحدة بحوالى 1800 ميغاوات.

ولقد نشرت ادارة معلومات الطاقة الامريكية ان حصة الطاقة الشمسية من اجمالي الطاقة المتجددة في عام 2012م هي 2.7% وان هذه النسبة قد ترتفع الى 10% في عام 2040م وهذا من اجمالي الطاقة المتجددة والتى ستشكل حوالى 20% في عام 2040م من اجمالي مصادر الطاقة فى الولايات المتحدة. اذاً النمو فى توليد الطاقة من الشمس ليس بقدر الطموح والامل.

 

لا شك ان كل دولة تعمل جاهدة على الاستفادة بما يوجد لديها من مصادر للطاقة وترتفع على سبيل المثال الاستفادة من طاقة الرياح في الدول الاسكندنافية والغاز الطبيعى في روسيا وقطر والغاز الصخرى في الولايات المتحدة والنفط في دول الخليج وفنزويلا.

والاكيد ان ارتفاع اسعار النفط والغاز الطبيعي في اوروبا قد دفع تلك الدول للاعتماد اكثر على الطاقة المتجددة خاصة اذا اخذنا بعين الاعتبار الاثر البيئي السلبي للفحم الحجرى والنفور والرفض الشعبي للطاقة النووية.

وهذا يدعونا للتأمل والاستنتاج ان الاوروبيين ليس لديهم الكثير من الخيارات سوى الاعتماد على طاقة الرياح والمتجددة الاخرى.

اما الامريكيون ومع انخفاض اسعار الغاز الطبيعى بسبب المصادر الصخرية فهم اقل اهتماماً بالاستثمار بالطاقة الشمسية.

اذاً الاستثمار في مصدر معين للطاقة في بلد ما يعتمد اولاً واخراً على مدى تنافسية المصادر الاخرى الموجودة في هذا البلد بصرف النظر عن المسائل البيئية.

لذلك فان ظهور الغاز الصخرى والاقبال العالمي عليه وهبوط اسعار الغاز في امريكا وربما اسعار الغاز المسال مستقبلاً في العالم قد يؤخر الاستثمار الجدي في الطاقة الشمسية.

نقلا عن جريدة اليوم