الطبقة الوسطى هي طبقة فضفاضة فلو سألنا أي واحد من المشاة في ممر الزهور بشارع الملك عبدالله (ممر الحوامل سابقا) في اي طبقة انت سيرد من غير تفكير انه في الطبقة الوسطى.
كذلك لو ان القارئ العزيز لهذه الزاوية الآن وجه لنفسه نفس السؤال سيجاوب بدون شعور بأنه في الطبقة الوسطى. هذا يدل على ان الطبقة الوسطى في الاقتصاد الريعي (الذي يعتمد في دخله على تسييل ثرواته الطبيعية) هي شعور نفسي أكثر منها معيار مادي يشمل مجموعة مغلقة من الناس.
التعريف التقليدي للطبقة الوسطى وفقا لقواميس التنمية الاجتماعية هي: الطبقة التي تقع بين الطبقة العليا والطبقة الدنيا، وتنقسم الطبقة الوسطى بدورها الى طبقة وسطى عليا وطبقة وسطى متوسطة وطبقة وسطى دنيا ويفرق بينها مستوى الدخل والمستوى التعليمي والحالة الاجتماعية.
لكن يوجد قاسم مشترك يجمع بين مختلف فصائل الطبقة الوسطى وهو انها جميعها تكسب دخلها بعرق جبينها فهي الطبقة التي تنتج معظم السلع والخدمات (الناتج المحلي الاجمالي) في الاقتصاد وتتساوى اجورها الحدية مع انتاجها الحدي اي انه نظريا لا يوجد - وفقا لآليات توازن سوق العمل الحر - احد يتقاضى اجرا اعلى او اقل من انتاجيته.
هذه العبارة الاخيرة في التعريف التقليدي بأن لا احد يحصل على اجر اعلى او اقل من انتاجيته توحي لنا بأنه اصلا لا يوجد لدينا طبقة وسطى بالمعنى التقليدي المتعارف عليه وانما يوجد لدينا تقسيمات طبقية على اساس توزيع اعتباطي (حسب الحظوظ) لتسييل ثروة طبيعية بين افراد المجتمع.
في الآونة الاخيرة اثار عدد من الكتاب البارزين (لن اذكر اسماء حتى لا يعتقد الذين لا اذكرهم بأنهم غير بارزين) موضوع الطبقة الوسطى وبأنها تتلاشى، فرد عليهم معالي وزير الاقتصاد والتخطيط بأن الطبقة الوسطى لم تنكمش ولكن زادت طموحاتها.
وهكذا دخلنا في لعبة التلاعب بالالفاظ بين وجهة النظر الرسمية (كما تمثلها وزارة التخطيط) ووجهة نظر الرأي العام (كما يمثلها بعض كتاب الرأي) على وجود طبقة لا ينطبق عليها التعريف الدارج بانها الطبقة المنتجة في المجتمع ولذا علينا ان نبحث عن مخرج للتوفيق بين اختلاف وجهات النظر يتناسب مع وضع اقتصادنا الريعي حتى نتعرف على طبيعة طبقات مجتمعنا وفي اي اتجاه تسير تركيبتنا الاجتماعية ومن ثم وضع الخطط السليمة لتفادي ازدياد الطبقة الفقيرة.
لو قبلنا تعريف الطبقة الوسطى بانها الطبقة المنتجة وغضينا النظر عن مستويات الدخل والمستوى التعليمي والحالة الاجتماعية سنجد ان الطبقة الوسطى (اي المنتجة) لدينا هم الاجانب فهم الذين يقومون بأداء معظم الاعمال في البلد ويتقاضون اجورا رغم انها متدنية لكنها تعتبر عالية بالنسبة للاجور التي كان بامكانهم ان يتقاضوها في اوطانهم فيحولون جزءا كبيرا من اجورهم الى عوائلهم فتنتقل عوائلهم تلقائيا من ناحية الدخول والانفاق على تعليم ابنائهم ومستواهم الاجتماعي الى الطبقة الوسطى في بلدانهم.
هكذا يمكننا ان نفاخر - ولا يلومنا احد - بأنه يوجد لدينا صناعة لانتاج الطبقات الوسطى في الدول الفقيرة فنحن نستورد الطبقات الدنيا من الدول الفقيرة ثم ندربها ميدانيا على احدث انواع الآلات العصرية ونؤهلها لتصبح طبقة منتجة ماهرة ثم نصدرها لاوطانها فتتسع الطبقة الوسطى في الدول النامية ربما على حساب تآكل دخول الطبقة الوسطى لدينا.
نقلا عن جريدة الرياض
وجعت قلبي يا دكتور الله يسامحك .....
مقالة ممتازة....
استمتع بقرأة مقالاتك يا دكتور وطريقتك الخاصه في الطرح, ياليت تتطرق الى كيفية علاج التراكمات والاهمال والأخطاء التي فاقمت من ازمة الفقر والبطاله لتصبح لدينا صناعة لأنتاج وتوطين الطبقه الوسطى.
يعني ما عندنا طبقة وسطى؟! هناك سعوديون منتجون
دائما يسبق الجانب الاقتصادي في تصنيف الطبقة المتوسطة الجانب الاجتماعي وانا في رايي العكس هو الصحيح لذلك نحن نفتقد في المملكة لطبقة وسطى حقيقية عريضة كما هو حاصل في اي بلد ثري قائم ثرائه على الانتاج فحتى تصنف انك من الطبقة الوسطى كما ينبغي يجب ان يكون مر على وجود اسرتك ضمن هذه الطبقة اربعة اجيال على الاقل لان الناتج في اخر هذه الاجيال افراد متعلمون مثقفون (واعون) الخ. ولا اعتقد مثلاً ان نسبة ضحايا (هوجة ) الاسهم في العقد الماضي من ابناء الطبقة الوسطى (الحقيقين) عالية ولا اعتقد ان افرادها يعانون من مشكلة البطالة ولا ملكية السكن ولن تجدهم مهوسون بالاستهلاك الترفي بالدين. لذا فسبب تدهور احوال اصحاب الدخول المتوسطة انهم اجتماعياً ليسوا ممن نستطيع وصفهم بانهم من الطبقة المتوسطة بل طارئون عليها نرصد ذلك في بعض دول المنطقة مثل مصر بسبب السياسات الاشتراكية والتي لا تزال بعض عناصرها قائمة الى اليوم.
كلام عين العقل وهدي مشكله كبيره عندنا في الخليج وخصوصا بلدي . التدريب الاحترافي للعماله يحصل في المملكه اما المواطن يريدونه عالم غير معلم
شكرا دكتور على اسلوبك البسيط والجميل في توصيل الفكرة ....