في احتفال السلطنة بيوم الصناعة لفت معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة الانتباه إلى الميزة النسبية التي تتمتع بها السلطنة في مجال الصناعات البتروكيماوية والفولاذية وخاصة الأنابيب والمواسير وهي صناعة حققت فيها السلطنة نموا كبيرا وأصبحت تنافس في الأسواق العالمية خاصة الأسواق الأوروبية والأمريكية.. ولجوء بعض المنافسين في السوق العالمية – محاولة لمنع المنتجات العمانية من المنافسة – إلى رفع دعاوى إغراق لكنها باءت كلها بالفشل وكسبت السلطنة في هذا المجال قضية شهيرة في أسواق الولايات المتحدة الأمريكية خاصة بالأنابيب البلاستيكية لعدم ثبوت أن المنتج يتمتع بأي حماية حكومية تذكر.
والإغراق في عرف التجارة العالمية هو أن يتمتع منتج ما بدعم حكومي يجعله أقل تكلفة وأكثر منافسة في الأسواق العالمية ودوما ما توجه تهمة الإغراق للمنتجات قليلة السعر مقارنة بمثيلتها في الأسواق ولعل أكثر الدول اتهاما بالإغراق هي الصين بيد أنه لم تسلم منه كثير من الصناعات في العالم والاحتكام في مثل هذه الأمور يكون لاتفاقيات التجارة الدولية التي تسمح للأعضاء بفرض دعم أو حماية لمنتج أو أكثر على أن تكون هذه الحماية مشروطة بتوقيت معين ثم تنتهي.
وعودة إلى صناعة البتروكيماويات والبلاستيك فإن السلطنة تشارك بقاعدة صناعية معقولة قوامها القطاع الخاص الذي دخل المجال بقوة وأصبح ينافس ضمن منظومة متكاملة في المنطقة.
أيضا من قضايا الإغراق التي تعرضت لها منتجات عمانية في الأسواق الخارجية ما يتعلق بصادرات «البولي بروبلين» للهند حيث فرضت الحكومة الهندية رسوم إغراق لكنها بعد مفاوضات تم سحب هذه الرسوم أو الضريبة على واردات البولي بروبلين المصنوعة أو المصدرة من السلطنة إلى الهند.. والحقيقة أن الهند لم تفرض رسوم إغراق على البولي بروبلين المصنع في السلطنة فحسب وإنما تم فرضه على جميع دول مجلس التعاون المنتجة لهذه الصناعة البتروكيماوية مما حدا باتحاد الصناعات البتروكيماوية الخليجي للاعتراض واعتبار أن الرسوم فرضت دون سند من القانون.
ويذكر أن أشهر قضية إغراق تعرضت لها السلطنة كما ذكرنا سالفا هي تلك الخاصة بالأنابيب الفولاذية المصنعة والتي يتم تصديرها للولايات المتحدة الأمريكية.
وتعود تفاصيل هذه الواقعة عندما قامت الجهات المختصة الأمريكية برفع قضية «دعم صادرات» ضد حكومة السلطنة وقضية «إغراق» ضد مصنع الجزيرة للأنابيب الفولاذية.
وبعد تحقيقات ومفاوضات موسعة ،أسقطت مفوضية التجارة الدولية الأمريكية International Trade Commission القضيتين اللتين تم رفعهما ضد حكومة السلطنة ومصنع الجزيرة للأنابيب الفولاذية في نوفمبر 2012.
ويذكر أن وزارة التجارة والصناعة وقتها قامت بتعيين محام من بيت خبرة عالمية للترافع في القضية وأثبت أن الدعم المتوفر للمصنع ميزة تتمتع بها الصناعات العمانية وليس حكرا على هذا المصنع دون غيره.
كما أن وزارة التجارة الأمريكية اعتبرت في تقريرها أن إعفاء واردات المواد الخام والآلات والمعدات للصناعات العمانية، لا يعتبر دعما للصادرات أو ضمن البرامج المقيدة أو الممنوعة.
تبين لوزارة التجارة الأمريكية عدم وجود ضرر على الشركات المحلية الأمريكية من المنتج العماني وتم إسقاط القضيتين (دعم الصادرات والإغراق).
كما تم خلال نفس الفترة تقريبا إسقاط دعوى أخرى مشابهة ضد الشركة وحكومة السلطنة في كندا وتم الإقرار بعدم وجود ضرر على الصناعات الكندية من قبل المصدرين.
وهكذا نجد أن السلطنة مرشحة لتحقيق نسب نمو عالية في قطاع الصناعات البتروكيماوية والمساهمة في حصص مقبولة داخل أسواق الطلب العالمية لاسيما وأن قطاع البتروكيماويات في منطقة الخليج يعد قطاعا قائما على التصدير وفقا لإحصاءات الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات (جيبكا)؛ ففي عام 2012 صدّر القطّاع 60.7 مليون طن من الكيماويات، أي ما يُعادل 75% من إجمالي حجم الإنتاج حيث بلغت قيمتها 52.7 مليار دولار.
ومن المتوقع أن تساهم اتفاقية تسهيل التجارة في تزويد الشركات المصدرة للبتروكيماويات في المنطقة بفرصة لخفض التكاليف وتقليل زمن إجراءات التخليص الجمركي في المنافذ الحدودية عبر اتباع إجراءات مبسّطة ومنتظمة في العمليات الجمركية، كما ستساعدهم في إزالة العقبات الرئيسية التي تعيق طريقهم، لتلعب دورا محوريا ومباشرا في تعزيز تجارة الكيماويات وتحقيق النمو ضمن القطاع.
أيضا من المتوقع أن تحدث انتعاشة كبيرة للصناعات والصادرات البتروكيماوية والبلاستيكية بعد التصديق على اتفاقية «حزمة بالي» من قبل المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية يوليو القادم، مما يبشر برواج متوقع لصادرات قطاع البتروكيماويات في الخليج.
إلى جانب ذلك يذكر تقرير لاتحاد صناعات البتروكيماويات الخليجي أن حجم التجارة البينية في قطاع المنتجات البتروكيماوية بين دول مجلس التعاون الخليجي بما في ذلك المنتجات البلاستيكية والكيماويات والأسمدة تصل إلى 2.5 مليون طن متري سنويا ويتم نقل معظم تلك المنتجات برا بواسطة الشاحنات ومن المتوقع أن يزداد هذا الحجم مع ازدياد حجم التجارة البينية والناتج المحلي الإجمالي وارتفاع الطاقة الإنتاجية للبتروكيماويات.
بل إن ما يتراوح مابين 30 إلى 40% من واردات البتروكيماوية في العالم تأتى من دول مجلس التعاون الخليجي.
والحقيقة التي يجب أن ننبه إليها هنا أن قطاع البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي سوف يقود في المرحلة القادمة موجة النمو الاقتصادي في المنطقة وتتسم هذه المرحلة بتنويع قاعدة المنتجات بشكل كبير بحيث لا تقتصر على السلع الأساسية فقط مصحوبة بتوجه نحو دعم وتطوير الصناعات التحويلية المتقدمة في المنطقة.
وستسهم هذه الموجة في رفع الطاقة الإنتاجية المخطط لها للمنتجات البتروكيماوية حيث يتركز النمو على المنتجات المتخصصة مع إضافة منتجات جديدة تتاح للمرة الأولى في دول مجلس التعاون الخليجي ما يمنح ميزة نسبية لشركات الصناعات التحويلية العمانية.
والصناعة العمانية في هذا المجال تستوعب بسرعة مواصفات واحتياجات الأسواق العالمية وتواكبها باستمرار وهذا بالطبع انعكس على إنتاج السلطنة من البلاستيك والبتروكيماويات الذي ارتفع من 3.3 مليون طن إلى 5.8 مليون طن عام 2012 بنسبة زيادة بلغت 60 % ولايزال القطاع يواصل نموه..
إضافة إلى ذلك تعد السلطنة مركزا رئيسيا لتصدير المواد البلاستيكية الخام للعالم بأسره حيث أنها ترفد المواد البلاستيكية الخام للعديد من دول العالم.
ووفقا للتقارير تأتي السلطنة في المرتبة الثالثة بعد المملكة العربية السعودية ودولة قطر في إنتاج البتروكيماويات خليجيا.
نقلا عن جريدة عمان