تجمع التقارير العالمية على أن الغاز الطبيعي هو أسرع مصدر للطاقة من حيث النمو وتسارع الاستهلاك.
وسيشهد العالم إقبالاً كبيراً لاستخدام الغاز الطبيعي سواء لتوليد الطاقة أو كلقيم لصناعة الميثانول والاسمدة؛ بسبب قلة الانبعاثات الناتجة عن استخدامه مقارنة بالفحم أو السوائل البترولية.
وسيتخطى الغاز في المستقبل القريب الفحم الحجري كثاني أهم مصدر للطاقة العالمية بعد النفط. ولذلك كان اكتشاف طريقة استخراج الغاز الصخري في العقد الحالي كأحد أهم موارد الطاقة الجديدة التي يمكن أن تلعب دوراً رئيساً في منظومة الطاقة العالمية في المستقبل القريب.
وجاء هذا المصدر الجديد للطاقة؛ لتعزيز موقع الغاز الطبيعي في هذه المنظومة، وتقدر ادارة معلومات الطاقة الأمريكية أن 32% من الاحتياطيات العالمية من الغاز الطبيعي موجودة على شكل غاز صخري بينما 10% فقط من الاحتياطيات العالمية النفطية تتواجد على هيئة زيت صخري.
وبحسب الادارة الأمريكية فان العالم يمتلك حالياً وبحسب تقنيات الحفر الحديثة حوالي 205 تريليونات متر مكعب من الغاز الصخري يقع اغلبها (حوالي80%) في عشر دول كما هو موضح في الجدول 1.
ويجب ألا ننسى الطفرة التي تعيشها أمريكا بانتاج الغاز الصخري والتي أظهرت أمريكا كمصدّر عالمي جديد للغاز الطبيعي المسال.
ولقد أدت الاكتشافات الكبيرة إلى انخفاض أسعار الغاز الطبيعي وسوائل الغازات الاخرى فيها بأكثر من 100% منذ عام 2010م، ما ادى إلى نهضة جديدة في صناعة البتروكيماويات الامريكية.
ولم تأت الطفرة الامريكية من فراغ، بل جاءت بعد جهد كبير واستثمارات ثمينة في هذه الصناعة، اذ بلغت استثمارات الشركات الاجنبية فقط في الغاز الصخري الامريكي حوالي 26 مليار دولار منذ عام 2008م وحتى الآن.
ومن المتوقع أن يلعب الغاز الصخري دوراً هاماً في طاقة المستقبل خاصة مع تشديد القوانين العالمية والتشريعات بشأن الانبعاثات الحرارية وتلوث البيئة.
وبالنسبة لتطورات قطاع الطاقة في الصين، فلقد استوردت الصين في عام 2012م حوالي 58% من حاجتها النفطية وحوالي 29% من حاجتها من الغاز الطبيعي.
ولقد انتجت الصين 200 مليون متر مكعب من الغاز الصخري في العام 2013م بزيادة خمسة اضعاف عن العام 2012م.
وبسبب النمو المتسارع للاقتصاد الصيني، يتوقع المراقبون أن ينمو الطلب الصيني على النفط بحوالي 13% وعلى الغاز الطبيعي بحوالي 60% في عام 2015م.
هذا النمو الكبير في الطلب على الغاز الطبيعي وضع الصين تحت ضغط الاستيراد سواء غاز مسال بأسعار تعادل أسعار النفط أو من الدول المجاورة مثل تركمانستان وروسيا، وهذا الاستيراد يتطلب تشييد خطوط انابيب طويلة وباهظة الثمن.
ولكن يبقى مخزون الصين الهائل من الغاز الصخري مصدر أمل لتلبية احتياجاتها بل وربما على الارجح أن تصدر بعضه كما هو الحال فى الولايات المتحدة. وعمل هذا المخزون الهائل على جلب شركات الطاقة العالمية الى الصين.
فبحسب ادارة معلومات الطاقة الامريكية، فان احتياطيات الصين المثبتة من الغاز الصخري تقارب 32 تريليون متر مكعب، أى أكبر من الاحتياطي الروسي من الغاز الطبيعي التقليدي.
والجدير بالذكر أن تقديرات الاحتياطيات الامريكية للغاز الصخري مازالت متضاربة، فبعد ان كانت تقدر بحوالي 23 تريليون متر مكعب في عام 2011م، انخفضت في عام 2013م إلى حوالي 18.7 تريليون متر مكعب؛ نتيجة انخفاض الاحتياطيات التي يمكن استخراجها من حقول مارسيلوس في كل من ولاية بنسلفانيا، ونيويورك، واوهايو.
وهذا يعني ان احتياطيات الصين من الغاز الصخري أعلى بكثير من احتياطيات الولايات المتحدة.
ولقد انفقت الصين وحتى شهر فبراير من العام الماضي حوالي 1.14 مليار دولار على التنقيب واجراء المسح الجيولوجي للبحث عن الغاز الصخري، وتم حفر أكثر من 80 بئرا استكشافية لهذا الغرض.
ولا شك أن هذه الاحتياطيات الهائلة من الغاز غير التقليدي ستكون مطلبا غالي الثمن لمعظم الشركات التي رأت فيه فرصة لا تعوض للدخول إلى عالم الطاقة الصيني.
مع العلم أن معظم الانتاج الصيني المحتمل للغاز الصخري سوف يتجه لتلبية الطلب المحلي الصيني المتسارع في النمو والى الاستغناء عن الفحم الحجري.
لذلك نجد أن معظم شركات الطاقة العالمية قد أسرعت لطلب ود الصين مقابل السماح لها بالتنقيب وانتاج الغاز. ويقدم جدول 2 قائمة الشراكات التي تمت مؤخرا مع شركات صينية حيث يلزم القانون الصيني الشركات الاجنبية باعتماد شريك صيني.
ولقد انفقت شركة شل وستنفق مليار دولار سنوياً من أجل الفوز بحصة من الغاز الصخري الصيني، وكانت شل قد عقدت اتفاقية شراكة مع شركة بتروتشاينا الحكومية. وأما شيفرون فلقد عقدت مؤخرا اتفاقية شراكة مع شركة البترول الصينية الوطنية (CNPC) وبدأ الحفر في منطقة سيشوان. كما عقدت كونكوفيليبس اتفاقية تعاون مشترك مع سينوبك، وسيبدأ الحفر قريباً في منطقة سيشوان.
وعلى صعيد اخر، فان الاستثمار في مناطق اخرى من العالم في الغاز الصخري مازال خجولاً ولا يرقى لمستوى الاستثمار في امريكا الشمالية أو الصين.
ففي اوروبا ما زالت الصورة غير واضحة ومازال القبول ضعيفاً. وبسبب ظروف اوكرانيا الفريدة ولتفلت من الاعتماد الكلي على الغاز الروسي فقد قامت اوكرانيا بتوقيع اتفاقيتين مع شيفرون وشل بأكثر من عشرات مليارات دولار؛ لاستخراج الغاز الصخري.
وتأمل اوكرانيا أن تصل الى الاكتفاء الذاتي في عام 2020م، وربما تصل الى مرحلة التصدير. وقامت مؤخراً شركة توتال الفرنسية باستثمار 50 مليون دولار في الغاز الصخري البريطاني.
ويعد الاستثمار في الغاز الصخري قراراً استراتيجياً، على صناع القرار دراسته بعناية، وفي هذا الاطار اعلنت الامارات انها تدرس الاستثمار في الغاز الصخري في امريكا الشمالية لاسيما وان الامارات تستورد كميات لا بأس بها من الغاز الطبيعي المسال بأسعاره العالمية المرتفعة.
ولقد وافقت وزارة الطاقة الامريكية مؤخراً على السماح بانشاء مشروع كاميرون للغاز المسال في الولايات المتحدة والذي سيقوم بتحويل الغاز الصخري الامريكي الى غاز مسال ومن ثم تصديره الى اليابان.
والجدير بالذكر ان الشركات اليابانية تستثمر مبالغ طائلة في هذا المشروع الذى سيكون مصدراً رئيسياً للطاقة وللغاز المسال في اليابان. لذلك فقد يرى البعض ان الاستثمار الآن في هذا المجال قد يكون عاملاً مهماً للحصول على الغاز المسال في المستقبل بأسعار معتدلة.
نقلا عن جريدة اليوم
شكرا يا دكتور ...... مقال دسم للغايه.