من حق أي قارئ أن يسألني: لماذا نبرة الغضب البارزة في كتاباتك؟ والواقع أنني أحب ذلك السؤال، ولا أحب السؤال البديل: لماذا أنت سلبي؟ لأنني غاضب فعلاً، ولكنني لست سلبياً. وقد يضيف صاحب السؤال: إن وضعك الاجتماعي والمالي جيد، فلماذا هذه الهجمة (الغاضبة، أو السلبية)؟ وللتفريق بين الاثنين، فالغضب علامة الإيجابية في التعامل مع الأحداث، والرغبة في المشاركة في تعديلها، أما السلبية فهي تعني الانكفاء، واليأس من عمل شيء ما.
الإجابة عن ذلك السؤال سهلة، فنحن جيل ستيني من العمر، وقد أتاح لنا وطننا فرص التعليم في الداخل والخارج، ثم وجدنا وظائف جاهزة لنا عندما تخرجنا من الجامعة، ووجدنا أراضي بأسعار معقولة، وامتلكنا بيوتاً في أقل من ثماني سنين من عملنا، وبدعم من الصندوق العقاري، وكل ذلك غير متوافر لجيل الشباب اليوم!! شخصياً، لا أطمع لنفسي بشيء؛ فالوطن أكرمني، ومنحني كل الفرص، ولكنني لست بالأناني، وأنا أنظر إلى أولادي وزملائهم وهم يصارعون للحصول على وظيفة ما، ثم محاولة تملُّـك مسكن، ثم الزواج... إلخ.
والواقع أن كل تلك المسؤوليات المالية أصبحت خارج قدراتهم إذا لم يساعدهم أهلهم، وهذا مصدر إحباط وغضب لكل أب، وأسأل كيف يحدث أن جيل آبائنا تعبوا كثيراً، وعانوا الفقر والعوز، لكنهم أتاحوا لنا فرصة التعليم، ومن ثم حصلنا على فرص جيدة، ثم يأتي دور أولادنا، ونجد أن وضعهم هو أقرب إلى وضع أجدادهم منه إلى آبائهم؛ لأن كل الظروف المعيشية تقف ضدهم!! وأن ما سُميت طفرة اقتصادية هي فعلاً كذلك، لكنها أفادت جيلاً واحداً فقط، ثم عادت مصاعب الحياة المالية مرة أخرى إلى سابق عهدها، أي أن الطفرة حالة شاذة.
ولذلك فالكتابة التي يسميها البعض سلبية هي نابعة من الرغبة في التذكير دائماً بأن كل ما حدث من إيجابيات على مدى العقود الماضية، وكان هناك الكثير من الإيجابيات، كلها لا تعني شيئاً بالنسبة إلى شاب يبحث اليوم عن وظيفة، أو فرصة زواج، أو سكن، أو، أو... إلخ.
نحن الجيل الستيني نحاول إيصال وجهة نظرنا إلى أصحاب القرار، بألا يصدِّقوا المنافقين والمستفيدين، الذين يحاولون تصوير الأمور بأنها «تمام التمام»، وبأن الكتابات القليلة السلبية هي من عمل حاقدين (وليس من عمل مخلصين خدموا الوطن، ومن مصلحتهم الحفاظ على كل ما تم إنجازه).
باختصار، غضبي، وغضب غيري، ليس له علاقة بوضعنا الشخصي المباشر، وإنما رغبة في وجود تغيير لصالح الجيل الجديد؛ فهم استثمار الوطن، ونحن - مع الأسف - نهمّـشهم، وحتى اليوم لا يوجد منبر واحد، نسمع من خلاله وجهات نظرهم، باستثناء ما يُكتب في وسائل التواصل الاجتماعي، بل إنه لا يوجد مسؤول واحد ثلاثيني، أو أربعيني العمر، ضمن دائرة القرار، وهذه نرجسية مفرطة من قبلنا نحن جيل الكهول، سبق وجودها في الغرب، ثم تخطاها، وكانت تقول «إن الأب أفهم بما فيه الصالح»!! «Father Knows Best»!! الشباب يمكن أن يكونوا إما طاقة خلاقة، أو طاقة مدمرة مثل البراكين، والتسونامي!! والأمر راجع لنا لتوجيه تلك الطاقة الوجهة الصحيحة.
نقلا عن جريدة الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
اعجبني كلامك
أغضب .... أغضب ....... أغضب ....... وجلنا كذلك ولنفس السبب. المشكله فيما لو حول البعض غضبه جراء تجاهله الى مفخخات. حينئذ سيترحمون على غضبنا.
تمام كده ياأستاذ. أحسنت
بارك الله فيك وفي غضبك وفي قلمك
صادف تخرجي اوج الطفرة و ما صاحبها من تضخم مجنون في اسعار الايجارت حيث قفزت في بضع سنوات 8 اضعاف حينها كانت معادلة التوظيف معكوسة فوظائف القطاع الخاص كانت مفضلة على وظائف الحكومة بسبب الفارق الكبير في الاجور حينها كان الاستقدام محدودا و مقيدا وبسبب هذا التفضيل كانت الحكومة تجبر (تخيلوا ذلك يا شباب اليوم) خريجي الجامعات على العمل لديها عبر اجبارهم على دفع تكاليف التعليم الجامعي اذا لم يلتحقوا للعمل لديها. حينها كان راتب عند التعيين لا يكاد يغطي ايجار شقة فاضطر الكثير من تلك الايام الى البحث عن وظيفة اخرى اضافية ليستطيع تدبر اموره المعيشية واستمريت على هذا المنوال لعدة سنوات الى ان تحسن الراتب وانخفض الايجار ولم احصل على اجازة سنوية طوال تلك السنين وبالطبع لم اسافر ولم تكن هناك اجهزة جوال نغيرها كل شهرين ولم نكن نذهب للحلاق الا كل كم شهر لجز شعر الراس وسيارة مستعملة لم استبدلها بجديدة الا بعد عشر سنوات...يا اخ سليمان هناك بنقالة ياتون وهم لا يحملون شهادة ولا يعرفون حتى لغة البلد وخلال سنوات يصنعون ثروات...قيمة العمل كما لاحظت في بلدنا تجدها في بيئات معينة تجد معظم الناجحين و كبار رجال الاعمال منها بينما في بيئات اخرى تستعيبه ينتظر افرادها الوظيفة العسكرية وان انعدمت المدنية والعيش من اعطيتها والتنعم برتابتها و بطالتها المقنعة.
بداية احب هذا الغضب الذي فيك. أنا من الجيل اللي تفتح عيناه على دنيا كانت زاهره ثم اضمحلت ثم هاهي تحاول العوده للازدهار,لكنه جيل لم يكن متساو في الفرص, لكني لست اغضب من عدم توفر الفرصه لابنائي وبناتي فقط,, انما غاضب من عدم تساويهم مع أقرانهم من ابناء وبنات الوطن,,, والا فالفقر موجود في دول عده وليس هو نهاية الحياة, انما الالم عندما تجد آخرين لا يأكلون او يسكنون او يدرسون مثل الاكثريه من المواطنيين", انما عليهم ( شعرة ذيب) سواء اكانت في المال العام او في الاراضي او في البعثات او في الطبابه او في حتى السياحه( ببساطه هم طفيليون على حق الاغلبيه)