عاش مجلس حماية المنافسة مرحلة بيات شتوي طويلة منذ صدور نظام المنافسة قبل عشر سنوات وتشكيل تكوين أعضاء مجلس حماية المنافسة قبل تسع سنوات، ويبدو أن أسباب ذلك البيات كانت تتمحور بشكل أساسي حول غموض المهام المطلوبة من المجلس أو عدم التوافق عليها بشكل دقيق.
وهذه إشكالية حقيقية في جهازنا الحكومي البيروقراطي، الذي يتضخم باستمرار، عبر التوسع في إنشاء المجالس والهيئات الحكومية، مع عدم الترحيب كثيراً بتأسيس مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية مما يمثل عبئا كبيرا على الجهاز الحكومي، والحد من الاستفادة من المواطنين الذين لديهم حس المبادرة والرغبة في الأعمال التطوعية، أسوة بمعظم دول العالم، وبخاصة في مجالات مثل حماية المستهلك ومكافحة الاحتكار، وغيرها من مجالات يجب تشجيع العمل التطوعي فيها.
وأعود لإشكالية عدم وضوح مهام المجلس، والتي يبدو لي أنها تمثل هاجسا يسيطر على أعمال المجلس كما يتضح من معظم بياناته الصحفية، ومنها بيانه بعد آخر اجتماع له الشهر الماضي، الذي تضمن عبارات مثل "حيث إن التجريم والغرامات ليست هي الهدف الرئيس للمجلس" و "ناقش المجلس قضية الاندماجات بين المنشآت التي تعتبر من أهم اختصاصات عمل المجلس" ثم يشرح البيان لماذا يقوم بهذه المهمة أو تلك، ما يؤكد عدم التوافق على مهامه، وفي كل الأحوال أعتقد أن المجلس بحاجة إلى منحه صلاحيات أكبر، وربما إمكانيات أكبر، مع ضرورة تشجيع إنشا جمعيات أهلية لمكافحة الاحتكار المباشر وغير المباشر لتدعم هذه الجمعيات جهود المجلس، وتتكامل معها.
والحقيقة أن المجلس مؤخراً بدأ حراكاً جيداً للتعامل مع عدد من القضايا التي أثيرت إعلاميا وآخرها الإعلان عن دراسة قطاع الدعاية والإعلان، بهدف تحسين أداء القطاع وفقاً لآليات السوق ونظام المنافسة، وتعزيزمنافسة المنشآت الصغيرة والمتوسطة العاملة في هذا القطاع، والتأكد من تطبيق نظام المنافسة ومكافحة الممارسات الاحتكارية، والعمل على تحسين الخدمات في هذا القطاع وانعكاسها على المستهلك النهائي.
ومن المؤمل من المجلس، الذي يضم في رئاسته وعضويته أسماء متميزة وذات خبرات مشهود لها، الإسراع في إنجاز هذه الدراسة، وألا يكون دور المجلس مجرد التوعية، بل القيام بخطوات عملية وحازمة لوقف الاحتكار غير المباشر في سوق الإعلان الذي يؤكده العاملون في هذا القطاع، كما أكده ممثلون لوزارة الثقافة والإعلام أمام مجلس الشورى، بل أنهم قالوا بالنص إن هناك "مافيا أجنبية" تسيطر على سوق الإعلان السعودي!
نقلا عن جريدة الرياض