استكمالا للمقالة السابقة حول ما تتعرض ويُلقى من انتقادات سوف أحاول في هذه المقالة تبيان بعض الحقائق حول اجتهادات بل جهود معالي المحافظ (الجديد) للهيئة لتطوير أعمال الهيئة والقضاء على السلبيات السابقة.
الملاحظ أن نقد بعض أعضاء مجلس الشورى للهيئة (تقرير الهيئة للعام 1433-1434) لم يتطرقوا لمقترحات الهيئة لتطوير الهيئة وأعمالها والتي من الممكن معالجة أوجه القصور الذي تعاني منه الهيئة وأهمها:
1. (ضعف القدرات البحثية والتحليلية لدى الهيئة فقد ترك العمل في الفترة السابقة عددا كبيرا من القياديين والأخصائيين والخبرات المؤهلة للقيام بهذا الدور) وهذا خلل في الهيئة نفسها حيث إنها أسست على (مبدأ اللي ما أبيه أقول له مع السلامة) واستعمل هذا المبدأ بالذات مع موظفي الدار السعودية للخدمات الاستشارية السابقين والذين لديهم معظم الخبرات والمؤهلات التي تحتاجها الهيئة، وسبب ترك الهيئة ليس الرواتب والمزايا العالية وإنما للأسباب الشخصية.
وبإمكان الهيئة أن تقوم بتطوير موظفيها بالدورات الداخلية والخارجية إضافة إلى الاستعانة بالمستشارين الوطنيين بدلاً من الاعتماد الكلي على المستشارين الأجانب.
2. (اقتراح الهيئة إعداد خطة استثمارية مشتركة لتنمية كل قطاع حيوي واعد من خلال توجيه كل من الوزارات والجهات المسئولة عن قطاعات اقتصادية قائمة وواعدة بالتعاون مع الهيئة العامة للاستثمار).
هذا لن يأتي إلا بأمر سامٍ لجميع الجهات الحكومية بذلك وهو ما سبق الإشارة إليه في مقالات سابقة. الهيئة برأيي المتواضع وبإدارتها الجديدة وضعت (الإصبع على الجرح) في تقريرها.
3. سبق أن حملت الهيئة ما يسمى بالقائمة السلبية بمسئولية جذب استثمارات غير مجدية داخل المملكة. وهذا برأيي صحيح إلى حد ما فمسئولية تدني الاستثمارات غير المجدية تقع على اللوائح بل والتطبيق (إلى حد كبير). فالقائمة السلبية هي السائدة في معظم دول العالم ولكن ضمن ضوابط. سبق أن أشرت إلى أن مسودة النظام الأولي كان فيها ضوابط (حوافز) ضريبية.
إذ كيف يتساوى المستثمر الأجنبي الذي يستثمر في مدن فيها بنية تحتية متكاملة مع مستثمر في مدن أو مناطق نائية (نامية)؟ لقد كان هناك حوافز ضريبية للاستثمار في المناطق النائية، وتشغيل العمالة الوطنية وتدريبها واستخدام المواد الخام المحلية وكذلك للصادرات ويتم مراجعة تحقيق أي من هذه العناصر الإيجابية قبل الترخيص بإعطاء المشروع نقاط لكل عنصر ليتم الترخيص له من عدمه وبالمتابعة الدورية لتحقيق هذه العناصر لتحصل المنشأة على الحافز.
لقد كانت المتابعة من الهيئة ضعيفة منذ البداية لأنها لم تهتم بذلك ولا تعلم الهيئة عن المستثمر الأجنبي الذي بموجب هذه الرخصة له الحق بالدخول والخروج والإقامة والعمل كما وكيف يشاء. إلا أن الهيئة قامت مؤخراً بمتابعة وإلغاء تراخيص لم تنفذ ولكن مطلوب منها أيضا متابعة نوعية التنفيذ وهل هو حسب الترخيص وفي نفس المجال أم استخدم للمتاجرة بالتأشيرات وتشغيل الأقارب إلى ما هناك من سلبيات نتيجة عدم المتابعة وتطبيق الأنظمة بحق المخالفين.
ويحسب الهيئة في إدارتها الجديدة إصدار لائحة جديدة لمخالفات الاستثمار الأجنبي وتطبيقها.
4. كان هناك تصريحات لسعادة المهندس عدنان الشرفي وكيل المحافظ للخدمات، لإيجابيات (جديدة) تقوم بها الهيئة حول معايير الترخيص لمشاريع الاستثمار الأجنبي ومعالجة أوضاع التراخيص القائمة وإيقاف نحو 9% من التراخيص وإن عدد التأشيرات الممنوحة للاستثمارات الأجنبية تجاوز 310 ألف تأشيرة لعمالة أجنبية وأنها وظفت نحو 10 آلاف موظف سعودي أي نحو 3% فقط !! (الرياض العدد 16619).
5. إن التراجع في مركز المملكة التنافسي في العامين الأخيرين في اعتقادي أنه ليس صحيحاً وإنما تصحيحاً للواقع والمخالف حيث كانت التقارير مستقاة من الهيئة عن الاستثمار الأجنبي، يشير تقرير التنافسية العالمي Global Competitiveness Report إلى ترتيب دول الخليج العربي كالتالي:-
مركز قطر 13 مركز الإمارات 19 مركز السعودية 20 مركز عمان 33 مركز الكويت 36 مركز البحرين 43. حيث إن هناك فرقا بين المستثمر المحلي والأجنبي والمستثمر المحلي يعاني أكثر من الأجنبي (مع الأسف).
وفي تصريح لمعالي محافظ الهيئة مؤخراً بأن الهيئة تقوم بإعداد دراسة ميدانية شاملة (محلي وأجنبي) لرصد كافة المعوقات التي تواجه الاستثمارات في السعودية والتي نأمل أن تأخذ كلاً من المستثمرين (المحلي والأجنبي) في الاعتبار المعوقات الجديدة مثل موضوع العمالة.
ختاماً لابد من القول بأن الهيئة نفسها تواجه عقبات داخلية (داخل الهيئة) وعقبات خارجية (من الوزارات والمصالح الحكومية) معظمها يتمثل بضعف النظام (التنظيم) الذي أسست على أساسه الهيئة ولأنها لا تستطيع أن تتنافس مع الوزارات وتتكامل معها وبالتالي لم تتمكن من تطوير ما يتعلق بالمستثمر المحلي رغم أنه من مسئولياتها حسب تنظيمها ولا بد من صدور نظام يحكم العلاقة بين الهيئة والوزارات المختلفة وعمل معايير شفافة للتراخيص وحوافز ضريبية وهي حوافز موجودة في معظم الدول حتى المتقدمة منها حسب مستويات التنمية بالمناطق المختلفة.
كما أن بإمكان الهيئة الاستعانة بالمستشارين الوطنيين في دراساتها وفي تقييم التراخيص لمعالجة نقص الخبرات. والله الموفق ؛؛؛
نقلا عن جريدة الجزيرة