قبل نحو عامَين، تلقيتُ دعوة من قناة بي بي سي عربية للمشاركة عبر الهاتف في لقاء تلفزيوني مع أربعة ضيوف من كبار الاقتصاديين العرب لمناقشة موضوع «أين ذهبت الأموال المسروقة من الأنظمة السياسية الساقطة في الربيع العربي؟»، وهو - بلا شك - موضوع اقتصادي مهم جداً، إن لم يكن الموضوع الأكثر أهمية على الساحة الاقتصادية العربية حالياً، في ظل انتشار الفساد و(تحديداً سرقة المال العام) من قِبل «بعض» السياسيين العرب.
قد يقول قائل إن الإجابة عن السؤال تتمثل ببساطة في إيداع الأموال المسروقة في حسابات مصرفية خاصة لدى البنوك السويسرية اعتماداً على قوانين حماية السرية التي تفخر بنوك سويسرا بتطبيقها منذ أكثر من 400 عام، بالرغم من الضغوط الشرسة التي تعرضت - ولا تزال تتعرض - لها هذه البنوك منذ نهاية الحرب العالمية الثانية من قِبل جماعات يهودية دولية، عجزت حتى الآن عن معرفة حسابات وأرصدة النازيين المودعة بها.
قد تكون هذه الإجابة صحيحة، إلا أنني أرى أن الإجابة ليست بهذه البساطة، وليست كافية، على اعتبار وجود تعقيدات يلجأ لها الفاسدون لإخفاء الأموال المسروقة.
ما أضحكني في اللقاء أن الضيوف ركَّزوا في نقاشهم على أن الأموال المسروقة مودعة لدى بنوك إماراتية وقطرية، واستندوا في وجهة نظرهم هذه إلى تقارير صحفية كانت تتحدث عن ذلك، حتى أصبحت هذه النقطة محور النقاش الرئيسي؛ ما يدل على عدم إلمام هؤلاء الاقتصاديين بأبسط الطرق القانونية (دولياً على أقل تقدير) في إخفاء الأموال المسروقة آخذين في الاعتبار أن الأنظمة السياسية الساقطة في الربيع العربي ليست بهذا الغباء حتى تودع هذه الأموال لدى بنوك لا تتمتع بحماية السرية على حسابات وأرصدة عملائها، وإلا لكان من الأولى إيداعها في بنوك بلدانهم، بحكم أن ما حدث لم يكن أحد يتوقع حدوثه على الإطلاق!! وفي رأيي المتواضع، أرى - والعلم عند الله - أن الفاسدين يُهرّبون الأموال المسروقة بطرق معقدة، من خلال شبكة متسلسلة من الشركات الوهمية المسجّلة في مناطق عدة، تتمتع جميعها بالسرية (مثل مناطق الأوفشور)، بإشراف مباشر من خبراء مصرفيين وقانونيين.
وكمثال بسيط على ذلك، يتم إيداع الأموال في حساب شركة وهمية مسجَّلة في الكايمان مملوكة للفاسدين، ثم تقوم هذه الشركة بإيداع الأموال في حساب شركة وهمية تابعة لها مسجَّلة في لوكسمبورغ، ثم تقوم هذه الشركة بإيداع الأموال في حساب لدى بنك سويسري باسمها، وتكون النتيجة النهائية أن معرفة مصدر هذه الأموال ومعرفة المالك الحقيقي لها هو من سابع المستحيلات، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
نقلا عن جريدة الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
الحاكم الجديد سرق ما سرقه الحاكم القديم والسارق من السارق كالوارث من أبيه. هل سمعت بحاكم عربي خرج من الحكم مختاراً وفقيراً وتعرف ثروته وعائلته؟
اتفق معك ،لكنه ورث الديكتاتورية و الحكم العسكري للعالم العربي
الرئيس الإيراني السابق/ أحمدي نجاد
غير صحيح ان بنوك سويسرا لديها سرية وغيرها لأ... الفروقات اصبحت شكلية فقط حيث ان قوانين السرية المصرفية هي بكل مكان. واللي يحكم الموضوع بالنهاية السياسة. فهذه امريكا اجبرت بنوك سويسرا على الكشف عن حسابات جميع المواطنين الامريكيين. جزر الكايمان ليست مستثناة.. لو حطوا احد بالراي ممكن يجيبونه بسهولة حتى لو باسم شركة بالكايمان
ما أضحك الكاتب هو عدم المام الضيوف الاخرين والمامه بالموضوع !! يا ليــــــــــــل
وكيف نفسر ما ذكره اليخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبى بان دبى دخلها من دول الربيع العربى حوالى 30 مليار دولار ....!!
ليس بالضروره أن تكون مسروقه بل هي أموال تجار وشركات نشاطها شرعي ونظامي تبحث عن الاستقرار
أين ذكر ذلك؟
معظم الفاسدين يُهرّبون الأموال المسروقة ببساطة لانهم لم يكونوا و حدهم بل مناصفة مع من سمح لهم او سهل مهمة السرقة!
جزر الكيمان تحتاج الى مقالات مستقلة .. لتوضيح ماذا يجري هناك.. ولمذا بعض شركاتنا اسست شركات في تلك الجزر البعيدة