المسؤولية والمسؤول.. والحرية والاحترام

22/01/2014 3
مازن السديري

قبل أربع سنوات أجبر أحد أكبر مذيعي هيئة الإذاعة البريطانية (كلاركسون) عن اعتذاره لرئيس الوزراء البريطاني حين ذاك (براون) والسبب أن الشتم لا يوجد له تبرير أيا كان، في بريطانيا حيث القانون والنظام الذي يجبر المسؤول على مراعاة القوانين لأن الدولة صارمة في تطبيقه وواضحة في أبعاده وأن لا أحد فوق طائلة القانون، مثل هذه القوانين تحمي المسؤول من هفوات ووقاحة بعض العامة ومن جهة أخرى إن تطبيق هذه القوانين الصارمة يكبح الفساد، والشفافية ترفع كفاءة الإنتاج العام الاقتصادي وتوضح ما يعيقه من مؤثرات اجتماعية أو اقتصادية أو تنظيمية وبالتالي يكون الحكم على المسؤولين أكثر وضوحا وعدالة.

في الفترة الأخيرة بتنا نسمع شتائم وليس نقدا لبعض المسؤولين وهذا غير مقبول والأسباب عديدة (ابدأ بالأهم ثم الأهم) أولاً عدم محاسبة الفاسدين أو إعلانه من مسؤولين كبار ونحن نسمع ونقراء عن بعض ظواهرها وآخرها موضوع (حرامي النفط) الذي أثاره الأستاذ خالد السليمان بكل وطنية، ماذا حدث عن حرامي النفط... لماذا كل هذه الإجراءات وطول الفترة لمحاكمته.. إذا كان الموضوع غير حقيقي لماذا لا يوضح.. الشفافية، الصين وهي دولة يتهمها النقاد المتابعون بتفشي الفساد وليست ديموقراطية ولكنها حريصة على تحقيق التنمية وهذا هو الأهم قبل فترة قريبة اعتقل مسؤول أحد السجون لتقبله رشوة بحدود مليونين فقط وكان العقاب السجن المؤبد.

السبب الثاني استغلال السخط العام تجاه البطء والترهل الإداري في الدوائر الحكومية.. ظهرت سيدة على التلفاز تشتكي من تعطل أربعة أوامر ملكية تخص علاجها (في برنامج) وأعرف أنا شخصيا قصصاً لمواطنين يعانون من تعطل حقوقهم بين أروقة الأجهزة الحكومية والشعور بأن هناك الكثير من المشاكل جراء هذا الترهل الإداري.

ثالثا وأخيرا عدم وجود قانون يمنع الشتم بشكل فعال ويضبط لغة النقد والتي قد يتعرض لها مسؤولون هم أبعد ما يكون لهذه الأخطاء التي تثير التحفظ والسخط، لقد تألمت كثيرا عندما تعرض المرحوم غازي القصيبي لكثير من التسفيه والشتم بحجة سخيفة (وأغلبهم حاقدون عليه) وهي أنه كان خارج السعودية لآخر عقدين قبل عودته وزيراً مع العلم أن غازي -رحمه الله- لم يكن خلال تلك السنين فوق سطح القمر بل سفيرا للدولة السعودية وعلى تواصل بكل أجهزتها بحكم طبيعة عمله هو من كان ذات يوم عراب (سابك) وحتى لو أخطأ في وزارة العمل (لو فرضنا الخطأ) الخطأ هو نتيجة العمل والمحاولة خير من سؤال (ساكن، صادر، وارد)..

ما أريد أن أقوله بأنه من الظلم أن يستغل الحاقد والكاره في وسط هذه المعطيات النيل من مسؤول مصلح بسبب عدم سرعة وكفاءة القانون لمعاقبة الفاسد وفشل المسؤول المصلح في وسط العقم البيروقراطي وأن يرتاح الفاسد بذلك العقم.

نقلا عن جريدة الرياض