اللعبة اكتملت

14/01/2014 9
سعيد بن زقر

فاجأنا رئيس البنك المركزي الأوربي السيد ماريو دراغي بفرحته الغامرة بزوال خطر تفكك الاتحاد النقدي لمنطقة اليورو ثم استدرك سريعاً في حواره مع ديرشيبجل الألمانية الأسبوعية بأن الأزمة لم تنتهِ تماما ولكن ثمة إشارات قوية تعزز التفاؤل بطي صفحتها وأبرز الدواعي ما أسماه تعافي اقتصاد الدول الأعضاء من الأزمة مما يشجع التعبير عن الرضا من عدم تأكيد توقعات مصرفيين سابقة افترضت أن سياساته ستوقظ مخاوف عدم الاتزان في السوق الأوربية، وأضاف أن ذلك كان (تخوف مرضي) لا يرى إلا حدوث الأسوأ ويبدو أن مصدر سعادته فشل توقعاتهم أكثر من نجاح سياسة المركزي الأوربي وسعيه خفض التضخم وإن ظل خفض الفائدة يضر بالمودعين.

لن أشاطر ماريو دراغي دواعى الصورة المتفائلة لأنها لا تعكس واقعاً مأزوماً بالبؤس الاقتصادي ومنذر بالشقاء والبطالة.

ولا أعلم إن كان السيد دراغي لا يعلم ذلك أو أنه يدركه ويتغافل عن محركات حقيقية تتحكم في الأزمة ومهما يكن فإن الأزمة تطحن الفئات الضعيفة وتنتقل بالأوضاع من سييء إلى أسوأ.

ولهذا ثمة سؤال مركزى يقفز للذهن ..هل تراجع معاناة (الجمهور) يتم من المؤشرات السوقية التي منحت السيد دراغي التفاؤل؟ 

ان الأزمة الاقتصادية في بعض الدول الأوربية ليست بهذا التبسيط المخل الذي يطرحه رئيس المركزي الأوربي.

إنها أكثر تعقيداً من الإقبال الحالي على الاستثمار بشراء أصول أوربية سواء في اليونان أو أسبانيا أو بأي بلد أوربي آخر يعاني من آثار (التسونامي) الاقتصادي، هذا الإقبال الاستثماري يعكس حقيقة المشكلة وليس مؤشرات التعافي.

لأن ذات المصارف التي تتحدث عن الفرص الاستثمارية الجديدة وتروج للتعافي هي ذاتها انسحبت من أوربا بعد أن تخلصت من أصولها الخاسرة والآن تعود لأن أسعار الأصول في أدنى مستوياتها وذات المصارف عادت لشرائها بالمال الإلكتروني وبالسعر الذي تحدده ولن تلبث ترفع أسعار هذه الأصول إلى مستوى قياسي لتجني من وراء هذه (الحيل) أرباحاً طائلة ثم تترك الفقاعة تنفجر بوجه الاقتصاد المحلي ولن تكف هذه المصارف عن  (اللعبة) عندما تبدأ دورة اقتصادية جديدة فستكرر (الالاعيب) في ثوب جديد ولهذا بدلاً من إبداء السعادة الأولى فضح (لعبة) اكتملت حلقاتها لدرجة فضحها نفسها من ورقة توت وصارت (مكشوفة) تؤكد وجود مخطط بين بنوك غربية كبرى يقودها (كبيرها) الذي علّمها (الحيل) جولدمن ساكس وجي بي مورغن سيتي بانك وزملاؤه لتلوين حيلة تخلق فقاعات في الاقتصاديات ثم تنسحب المصارف وتترك أوضاع الشعوب والبلدان لمصيرها المحتوم.

المشكلة أن الاتحاد الأوربي غرم هذه البنوك مليارات الدولارات هذا العام لتواطئها على تحديد سعر فائدة أسهم في إفقار مصارف وأمم وهاهي ذات المصارف تصنع مشتقات بنكية جديدة تعرفها هي وتدرك كيفية عملها فهي تقوم بتأمينها ضد المخاطر ثم تمضي فيها إلى أن ترى نهاية الحيلة ثم تنسحب من الاقتصاد المحلي تاركة الأفراد واقتصادهم يجنون الحسرة وقد لا تكتفي بالانسحاب قبل أن تحرر للاقتصاد المعني شهادة الوفاة وهانحن نعيد معايشة المشهد بتفاصيله لأنه يماثل استثمار (بونزي) الاحتيالي الذي تتم فيه عملية تطابق (توظيف المال) في بلدان العالم العربي بحيث يقوم محتال بتجميع أموال الناس بهدف استثمارها مع وعد بأرباح هائلة وعندما يجمع أكبر كمية من أموال المستثمرين" يعلن إفلاسه ".