أعلنت حكومة المملكة الأسبوع الماضي الموازنة المالية للدولة للعام ١٤٣٤/١٤٣٥، والتي كانت من الناحية المالية قريبة الى حد كبير بمثل ما توقع به الكثير من المختصين والمحللين والمتابعين، وهذه إشارة إيجابية نحو الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تعيشه المملكة ولله الحمد ومنذ تأسيسها، ومن جهة اخرى كثير من المواطنين يتابعون إصدار الموازنة بشكل سنوي ويحدوها الأمل في ظل توقعاتهم لمشاريع تنموية تساهم في تحسين الخدمات والمعيشة لكل فرد من أبناء الوطن.
في القطاع الخاص عادة وفي اجتماعات مجالس إداراتها والجمعيات العمومية ما تكون ارقام الموازنة المالية للسنة التالية هي عبارة عن حزمة من المشاريع والمبادرات، واستمرار الخدمات التي تمثل جزءا من خططها الاستراتيجية وتنفيذا لخططها القصيرة الأجل، فتكون ارقام الموازنة هي ترجمة لأعمال مراد تنفيذها وعادة ما تكون بشكل متصاعد وبناء، وعلى الصعيد الآخر فموازنة الحكومة تعد بمنهجية ان ارقام الموازنة والمبالغ المخصصة هي التي تحكم توجه الدولة في مشاريعها في المدى القصير، فقوة الأرقام في الموازنة تعبر عن حجم الإنفاق وتبعاته من آثار على الوضع الاقتصادي للبلد بشكل عام، وهنا نريد الوقوف قليلا ونحن تحدثنا كثيرا سابقا عن أهمية استبدال منهجية أعداد موازنة الدولة بأساليب مالية متطورة وحديثة تنعكس آثارها على المسيرة التنموية للمملكة عبر تفاعل كافة عناصرها وأجزائها من اجل تحقيق أهداف محددة وواضحة.
قد يعتقد البعض ان نظام الموازنة منفصل عن منهجية الأسلوب الاداري، وللتوضيح ان أسلوب أعداد الخطط والموازنات عادة ما يكون له اليد الطولى وهو المهيمن والمسيطر على الأسلوب الاداري، وفي غالب الأحيان يتم تحديد ذلك حيث وضوح الأهداف وتحديد مقاييس الإنجاز والأجهزة الإدارية المسئولة، والاهم من ذلك هو العنصر الرقابي والذي من مسئوليته التأكد بشكل كامل عن مدى فاعلية الأداء واستخدامات الأموال من اجل تحقيق الأغراض التي حددتها الخطة الاستراتيجية، ومعالجة الانحرافات التي قد تظهر نتيجة اي ظروف محتملة او غير محتملة، وهذه هي طبيعة المنهج المتبع عادة في التخطيط، وقد نكون ننفذ جزءا من كل او ان هناك مستجدات ظهرت، ومنذ سنوات لم يتضمنها أسلوب الموازنات ولكن الأهم من ذلك كله هو أهمية إعداد خطة استراتيجية شاملة يكون لها انعكاساتها وآثارها على جميع جوانب الدولة وأهمها راحة ورضى المواطن.
تقوم الدولة بعمل خطط خمسية، وهذا ما أشرنا له في مقالات سابقة، بأهمية دراسة هذا النهج من حيث فاعلية هذا الأسلوب، ولكن الأهم الإفصاح عن الانحرافات في هذه الخطة، وإيضاح مدى ترابطها وتكاملها وانعكاساتها التنموية على الوطن، لذا آمل ان يكون هناك اعادة نظر والتوصل الى أسلوب اكثر فاعلية في إعداد الخطط والموازنات نراه قريبا بإذن الله، وأهمها خطة استراتيجية للمملكة طويلة الأجل لا تقل أهدافها للعام ٢٠٣٠م.
نقلا عن جريدة اليوم