لا أدري ما الذي جاء بطيف معالي الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- في خاطري ظهيرة الأربعاء الفائت حين كنت جالساً في قاعة المحاضرات في المبنى الرئيس لدار (اليوم) للإعلام وقبل دقائق من بدء لقاء معالي المهندس عادل فقيه وزير العمل مع الأسرة الإعلامية بالشرقية.
لعل الارتباط الذهني وتداعي الأفكار الذي انتابني و(طرأ) في ذهني في تلك اللحظات عن الفقيد الدكتور القصيبي الذي خدم الوطن بكل تفان وإخلاص كانت بسبب أن ذلك الكرسي المقابل للجمهور الذي سيجلس عليه الرجل الأول لوزارة العمل الآن هي الحقيبة الوزارية التي كانت آخر المسئوليات التي تقلدها غازي القصيبي بعد عدة مناصب وزارية ودبلوماسية طوال نصف قرن.
ووزارة العمل كانت (غير) ذلك أنها جاءت لغازي الوزير القيادي الإنسان والدبلوماسي والشاعر والأديب الكبير بعد سلسلة نجاحات لافتة في كل المناصب القيادية التي تسلمها، وهذه الوزارة كانت (غير) لأن تكليفه بها جاء في وقت قد ناهز فيه السبعين عاماً، وكانت تنتظره فيها ملفات شائكة وأجندة تراكمية وقابل فيها تحديات جمة لاحظها المتابعون في مقولاته وتصريحاته وشعره ونثره إبان قيادته لهذه الوزارة، والحق أن فقيد الوطن القصيبي حاول بكل ما يستطيع أن ينقل الوزارة إلى مساحة جديدة من التطور والجودة والنجاح وقد فعل رحمه الله.
أما معالي المهندس عادل فقيه فقد كان في اللقاء الإعلامي موفقاً لعدة أمور أهمها اختياره للشرقية للقائه الإعلامي الأول مع الإعلاميين، والشرقية هي حاضرة الاقتصاد والمال والأعمال في وطننا الكبير، وفيه تقدير للدور الإعلامي البارز لإعلاميي الشرقية بشكل عام ولدار (اليوم) للإعلام الجهة المستضيفة للقاء بشكل خاص.
معالي الوزير الأنيق قدم في اللقاء عرضاً تقديمياً متقناً وغنياً بالتفاصيل والمعلومات، وقد استوقفتني نقطتان مهمتان أولاهما : ما ذكره معالي المهندس فقيه من حلول مستقبلية لمشكلة البطالة، هذه المشكلة التي انخفضت نسبتها خلال العام الفائت بنسبة تفوق الثلاث عشرة سنة الماضية، وأضاف ان الوزارة تعاقدت مع عدة شركات عالمية مختصة في التوظيف، ولأن معلومة انخفاض نسبة البطالة تعتبر إنجازاً يحسب لوزارة العمل فإن جلب الشركات الدولية المختصة للتوظيف يعتبر خطوة إيجابية أخرى، إلا أنني اقترح على معالي الوزير كذلك أن يتم التعاقد مع شركات مختصة لتقويم عمل الوزارة بطريقة علمية، والاستفادة كذلك من مراكز البحث العلمي في الجامعات السعودية لإجراء الدراسات العلمية فيما يختص بالمشكلات التي يواجهها مجتمعنا وهي من ضمن مسئوليات وزارة العمل، وكذلك لتقييم وتقويم عمل الوزارة فما شاهدناه من عرض أمر مميز جداً من الناحية النظرية، ولكن من الخطأ أن تعيش الوزارة في أحلامها الوردية الجميلة دون أن تقيم أعمالها للانتقال إلى رؤى واستراتيجيات جديدة بشكل أفضل وأكثر واقعية ونجاحاً.
وثانيهما: ما ذكره معالي وزير العمل من التحديات التي يواجهونها من استغلال بعض الشركات والمؤسسات لبعض الثغرات الأمر الذي أدى إلى اختراق ومخالفة بعض المنشآت لنظام العمل، وأزعم أن هذه الأخيرة من أكبر التحديات التي كانت ولا تزال تواجهها وزارة العمل، ذلك أن الثغرات والتحايل على النظام مشكلة مستمرة، ولعل من أسباب تفاقمها ربما عدم المقدرة والتمكن لدى مكاتب العمل ومفتشيها من رصدها ومعاقبة أولئك المخالفين لسبب بسيط يكمن في هذا السؤال وهو: أنى لسمكة صغيرة أن تواجه حوتاً ضخماً؟!.
المهندس عادل فقيه يخطو بالوزارة ومشاريعها إلى آفاق جديدة ومشجعة، ولكون معاليه كان رجل أعمال ومن أسرة اقتصادية وتجاريه معروفة فإن مسئوليته تزداد وتزداد النجاحات المنتظرة منه تبعاً لذلك، كونه مطلعا على أدق التفاصيل فأهل مكة أدرى بشعابها.
نقلا عن جريدة اليوم