قبل سنوات كان هناك شيخ، اكتسب شعبية من خلال برنامج إفتاء تلفزيوني، وعندما سئل في مرات عديدة عن حكم نقل أعضاء الجسم، بما فيها نقل الدم، حرّم ذلك اشد تحريم، وعندما مرض، نقلت له كلية، ومعها كمية من الدم، ويبدو أن مريديه كانوا يكنون له الكثير من التقدير، والاحترام، بحيث لم يسألوه بعدها عن ذلك الموضوع.
وفي حالات أخرى أتيح لمشايخ آخرين أن يسافروا خارج الحدود، وتغيرت نظرتهم عن العالم الآخر، وكتبوا ما يشبه الاعتذار عن النظرة الخاطئة التي كانت لديهم عن الشعوب الأخرى، خصوصاً العالم الغربي، الذي حرص، ويحرص متشددون أن يقسمونا إلى فسطاطين، لا مجال للتفاهم بينهما، مهما كانت الظروف.
وبالمقابل، ولسنوات طويلة، وجد كثير منا أنفسهم يعملون مع أجانب، شركات و أفراداً، ووجدنا في كثير منهم (ولن أقول جميعهم) بساطة هي أقرب إلى السذاجة، ولكنها سذاجة من لا يحتاج إلى الكذب، أو الرياء، أو المواربة، في قول أو فعل، فهم لا يلبسون أقنعة، ولا يتحدثون بأكثر من لغة، وليس لديهم مصطلح «لكل مقام مقال»، لأن مقالهم واحد، بل أعترف أنه، في حالات معينة، حاولت إقناع أجانب، بأن بعض الكذب الأبيض، غير مضر، وقد يخلصنا من موقف محرج، ولكنهم ذكّروني، بأن لديهم أنظمة مكتوبة، وأخرى غير مكتوبة، تمنعهم من الكذب، مهما كان لونه.
في حالات أخرى لاحظت أنهم عندما يفاوضون، فهم لا يحاولون، بالضرورة، أن يضيعوا الوقت، بمحاولة تعظيم الفائدة، وإنما يضعون لأنفسهم هدفاً مقبولاً، ومتى ما وصلت المفاوضات إلى ذلك الهدف، فهم جاهزون للتوقيع، ويضعون لذلك مصطلحاً جميلاً، اسمه (Win - Win)، وترجمته أنت تكسب، وأنا أكسب، وهذا مخالف لتصرفاتنا الشرقية، حيث لا نتوصل إلى اتفاق إلا عندما نشعر بأننا كسبنا، وأن الطرف الآخر قد خسر، أو تنازل.
لكل هذه الأسباب، أستغرب الهجمة المضرية، ضد برامج ابتعاث طلبتنا إلى الخارج، لأنه بجانب الفائدة العلمية،فلديهم الكثير من التعاملات الجيدة، التي يحسن بنا التعرف عليها، والتعلم منها، بل إنني أتمنى أن يتاح لبقية مشايخنا، وبدون انتظار ظرف مرض ما، أن يزوروا الغرب، والشرق، والشمال، والجنوب، وأن يطّلعوا على ظروف، وأساليب حياة الشعوب الأخرى، بعيداً عن أي مؤثرات، أو أحكام مسبقة، لأننا وبكل صراحة، عانينا،ومازلنا نعاني، من ضيق أفق الكثيرين، ممن هم مهمون في تسيير حياتنا اليومية.
ختاماً أجدني مضطراً للاستدراك، والتفريق بين تصرفات تلك الشعوب الأخرى، وبين المواقف العدائية لبعض حكوماتهم، تجاه قضايانا الأساسية، وأهمها قضية فلسطين، ولكن التجارب علمتنا أن نفرق بين تصرفات الحكومات، وتصرفات الشعوب.
نقلا عن جريدة الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
استراتيجية (win-win) غير متبعة في كافة أشكال التفاوض، مثلاً لو أن موضوع التفاوض عمولة بيع على وشك الحدوث لحاول كل طرف تعظيم منفعته بالقدر الذي يستطيعه. ولكن في أشكال الشراكة المختلفة هذه الاستراتيجية فعالة جداً لأن آفاق العمل غير محدودة.
الاستاذ سليمان انا من المتابعين لكتاباتك المتخصصة والتي في مجملها جيده لكن اربأ بك ان تدخل خلافك الشخصي مع قطاع عريض في المجتمع للهجوم عليه في بعض مقالاتك ..... مالفائدة من المقدمة التي تهجمت فيها على شيخين (ولا ندري عن صحة الرواية من عدمها) لتجعلها مقدمة لمقال يمتدح طرفا ويذم طرفا آخر ... ارجو ان تبتعد عن الشخصنة في مقالاتك ...
للأسف هذه حقائق موجوده فى المجتمع . بصرف النظر إن كانت كذبه بيضاء رواها لنا الكاتب لتسويق مقالته أم حقيقه أذاعها التلفزيون . فحتى لانحرم ماأحل الله بسبب الإسراع فى الإجابه (الفتوى) أوقصور منا أو جهل أو عدم إطلاع كاف ، يجب إثارة مثل هذه المواضيع والتذكير بها والتحذيرمنها. مع ضرورة الإنفتاح على الطرف الآخر والرأى الآخر وعدم الإصرار على الرأى الأوحد وكأننا ملائكه " لايعصون الله ماأمرهم ويفعلون مايؤمرون " . فكم من أمور حرمناها فى الماضى القريب ومع الوقت عدلنا عنها وأصبحت حلال نمارسها بطيب خاطر. هذا فى إعتقادى الرساله التى حاول الكاتب ، مشكورا إيصالها الى المتلقى . ولا أرى أن هذا إنقاص فى حق مشايخنا الأجلاء .
استاذ سليمان لدي سؤال / هل تعلمت في الخارج ؟ ان كان بنعم لماذا لم تتبع هذا النهج الذي تنادي باتباعة وهو win -win انت اعلم مني بكيفية جني الارباح للشركات البتروكيماوية وحجم الدعم المقدم لها من الدولة ( ثروات الوطن ) وماذا قدمتم فعلا للمجتمع وارجوا ان لا تذلو المواطن بحكاية التوظيف فهم مؤهلون للتوظيف لديكم او لدى غيركم . تمنيت قبل ان تفرح بخبر نقل الدم لتزفه كأنك المميز المفحم لخصمه تمنيت انك بدأت بنفسك الوعي يؤخذ من كل مكان وليس حكرا على الغرب فانت تعاملت معهم كثيرا فأين win - win في سياسة الشركات التي عملت بها .
البرامج التلفزيونية والإذاعية يحسن أن تكون للتوجيه والإرشاد، وأما الفتاوى الكبرى والنوازل فمحلها المجامع الفقهية، بعض الأمور لو. حدثت في عهد عمر رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر، تعرض على أحدهم اليوم فيفتي وأحياناً تصبح الفتاوى محلاً للسخرية عند من يتربص بالدين.