قد يقال: وماعلاقة ابن خلدون بالابتعاث؟ والجواب أنّ هذا العالِم طرق كل الموضوعات تقريباً في مقدمته الشهيرة، والتي لشدة إعجابي بها أهديتُ عدداً من الأصدقاء نسخاً منها (والكتاب هدية موفقة في نظري وغير مكلفة!!) وشكا بعضهم من صعوبة أسلوب ابن خلدون فصرت كلما كتبت عنه حاولت تسهيل مقصوده قدر المستطاع..
نعود للابتعاث وهو (الرحلة في طلب العلم) عند ابن خلدون الذي أيّده بقوة ورأى فيه فوائد جمة منها كما ورد في مقدمته ص 541 :
. توسُّع الأفق والاستفادة من مختلف طرق الحياة النافعة بحيث لا يُسرع الإنسان في رفض ما يجهل أو مالم يَعْتَدْ عليه، بل يرى نتائجه على أرض الواقع، وكثيراً مايكون الذي رفضه لأنه جاهل به غزير النفع عند التطبيق، وفي هذا محاربة عملية للجهل المركب.. ( وهو الذي صاحبه لا يدري ويجزم أنه يدري )..
. الاستفادة من طرق تحصيل العلم الجديدة والمختلفة ( المناهج الآن وطرق التدريس) فهي تختلف من بلد لبلد ومن علماء لعلماء وكلام ابن خلدون هنا في الصميم، فتعليمنا يقوم على (الحفظ والتلقين) بينما التعليم في الغرب يقوم على (النقد والتفكير والمناقشة)، ( والحقيقة بنت النقاش)
. اكتساب القوة الذاتية والاعتماد على النفس نتيجة الغربة وتحدياتها التي تُثمر الصمود والتعود على الصبر والجلد والعمل والبعد عن الاتكالية.
. معرفة لغات جديدة ومايتبعها من الاطلاع على علوم مفيدة، والاستمتاع بآداب وأشعار أقوام آخرين مختلفين في الذوق، وطرائق التعبير والشعور..
. تصحيح المعارف السابقة إذا كانت خاطئة، والرسوخ في الاستدلال والتمييز، واكتساب طرق جديدة في الاستدلال والابتكار تُضاف للموجود أو تعدّله للأفضل..
. التخلُّص من الكراهية المسبقة غير المسببة، بل الناشئة عن جهل بأحوال الأمم الأخرى، فالكراهية سُمٌّ قاتل، وهي من أكبر أسباب التعصب والتأخر والتناحر، بل والحروب، والله عز وجل يقول: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )) صدق الله العظيم (13الحجرات).
نقلا عن الرياض
مقال جميل , وبن خلدون مفكر عظيم سبق زمانه رحمه الله
ليتك ذكرت نفس كلام ابن خالدون , لأن هذا ليس أسلوبه .
مقالة ممتازة. الكاتب ذكر السبب في مقدتها.