الملايين الغائبة عن التأمينات

02/03/2016 3
خالد الشنيبر

التوجه الذي ينبغي تطبيقه حالياً لمعالجة العديد من القضايا الاقتصادية هو تخفيض سن التقاعد للجنسين، ولكن التوجه المحتمل حالياً هو رفع سن التقاعد وذلك لعدة أسباب أهمها معالجة الخلل في الاستثمارات العشوائية التي دخلت فيها المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والتي كان نتاجها عجزا واضحا.

هناك ملف مهم ينبغي ان يتم إعادة فتحه في هذا الوقت تحديداً، وهذا الملف شائك ولا أعلم ما هو السبب الرئيسي لتجاهله لسنوات عديدة، ولا أتوقع أن وجود «شركة بترولية» كأحد أطراف في هذا الملف سيكون سببا لتعقيد المسألة، فالنظام يتم تطبيقه على الجميع وبدون أي استثناءات.

ملخص الملف كالتالي: شركة بترولية لديها برنامج ابتعاث جامعي لخريجي وخريجات الثانوية العامة من السعوديين، ويعتبر هذا البرنامج كأحد «المصادر الأساسية لشغل العديد من الوظائف المهنية والتقنية في نفس الشركة»، وفي كل عام تستقطب الشركة تقريباً ٢٠٠ مرشح لابتعاثهم للحصول على درجة البكالوريوس في أحد التخصصات «التي تحتاجها الشركة»، ويتم تدريسهم في معهد الشركة لمدة سنة كاملة كسنة تحضيرية، ومن ثم يتم ابتعاثهم لإكمال دراستهم الجامعية بناء على «التخصص الذي تحتاجه الشركة»، ويتم دفع مكافأة شهرية لهم واعتبار سنوات الدراسة كسنوات خبرة في الشركة فقط لا غير، ونقطة الخلاف هنا انه لم يتم تسجيلهم في سجلات التأمينات الاجتماعية خلال فترة البرنامج.

لو أخذنا حسبة تقريبية كمثال عن دفعة مكونة من ٢٠٠ طالب في البرنامج وأكملوا البرنامج «٥ سنوات» بنجاح في وقته المحدد، وكانوا يحصلون على مكافأة بمعدل «٤٠٠٠ ريال» حيث انها تختلف من طالب لطالب حسب مقر ابتعاثه، سنجد أن الشركة لم تلتزم بالدفع لمؤسسة التأمينات الاجتماعية ما يقارب ٩,٦ مليون ريال من كل دفعة، ولو اعتبرنا ان هناك ١٥ دفعة منذ انطلاق البرنامج سنجد أن الشركة لم تلتزم بالدفع لمؤسسة التأمينات الاجتماعية ما يقارب ١٤٤ مليون ريال «بما أن الشركة مسؤولة عن الدفع مباشرة للتأمينات وبغض النظر عن نسبة الاستقطاع».

الشركة تتحجج بعدة حجج للتهرب من هذا الملف، ومن أشهر الحجج «أن البرنامج لغير الموظفين»، ولا أعلم كيف اعتمدت الشركة على هذا المبدأ وهي في نفس الوقت تعتبر تلك السنوات كسنوات خبرة للموظف في سجلاتها، وبنفس الوقت هي من تحدد التخصصات التي تحتاجها في البرنامج، والملف ان تم السكوت عنه فمعنى ذلك ان موظفي الشركة الذين اكملوا البرنامج تتباين سنوات خبراتهم المسجلة في الشركة والمسجلة في سجلات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وبمعنى أوضح سيخسر هؤلاء الموظفون ٥ سنوات فعلية من مسيرتهم العملية التي يجب أن تسجل في التأمينات الاجتماعية، وأنا متأكد أن أغلبهم مستعدون لدفع استقطاعهم التأميني خلال مدة البرنامج حتى يتم اعتماد تلك السنوات في التأمينات الاجتماعية، وإضافة لذلك ستفقد التأمينات ملايين من الريالات كان المفترض أن يتم دفعها لهم، ولا أظن أن هناك أي سياسة تسمح لصاحب العمل بتجربة موظفيه لمدة 5 سنوات ثم يتم تسجيلهم في سجلات التأمينات الاجتماعية.

الوقت الحالي فرصة للتأمينات الاجتماعية لإعادة فتح الملف، وربما يكون التأخير خيرة لهم حيث ان تلك المبالغ لو كانت تحت يد المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية منذ وقت استحقاقها لكان مصير استثمارها مجهولا وفقاً للأخبار الصحفية التي كانت تتحدث عن الدخول في استثمارات خاسرة.

ما ذكرته مثال فقط، ومن المتوقع أن يكون هناك شركات عديدة سرت على نفس الموال، والملف بيد المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ولا أتوقع أن يتم السكوت عنه بغض النظر عن الطرف الآخر فيه، فحقوق الموظفين أهم من أي اعتبارات أخرى، وللعلم:

الشركة لديها برنامج آخر مدته أقل من المثال الذي ذكرته، وتم رفع قضية مطالبة للتسجيل في التأمينات الاجتماعية وتم كسبها ضد الشركة.

نقلا عن اليوم