تعتبر تركيا أحد أهم اللاعبين فى المنطقة سياسيا واقتصاديا وقد انتعشت علاقاتها الاقتصادية مع مصر فى السنوات التى سبقت ثورة ٢٥ يناير وما بعدها٬ لكن بعد ٣٠ يونيو شهدت هذه العلاقات أزمة حقيقية بعد التوتر السياسى الذى حدث بين البلدين مما أدى إلى تخفيض التمثيل الدبلوماسى بين البلدين لأسباب سياسية.
وقد انبرى الخبراء فى تحليل الخسائر الاقتصادية جراء هذا التوتر٬ فذهب البعض إلى أن تركيا هى الخاسر من ذلك بينما ذهب آخرون إلى عكس ذلك.
ولذلك يهدف هذا المقال إلى إلقاء الضوء على الأبعاد الاقتصادية للعلاقات المصرية التركية وتحليل نتيجة التوتر السياسى الأخير عليها.
يمتد تاريخ العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا لعقود حيث وقع البلدان أول اتفاقية للتجارة فى ١٩٦٦ ثم اتفاقية ثانية فى ١٩٧٦ وثالثة فى ١٩٩٦ لكن هذه الاتفاقيات لم تؤد إلى نمو كبير فى حجم التبادل التجارى بين البلدين. فى عام ٢٠٠٥ قام البلدان بتوقيع اتفاقية جديدة للتجارة والتى دخلت حيز التنفيذ فى مطلع عام ٢٠٠٧، كان لهذه الاتفاقية أثر كبير فى تعميق العلاقات الاقتصادية بين البلدين حيث تضاعف إجمالى التبادل التجارى بين البلدين فى خلال عامين من تطبيق الاتفاقية٬ كما فتحت هذه الاتفاقية الباب أمام الاستثمارات التركية لدخول السوق المصرية.
وعقب ثورة ٢٥ يناير٬ تطورت العلاقات السياسية بشكل كبير وكذلك الاقتصادية بالتبعية بشكل أسرع.
لكن هذه العلاقات السياسية ما لبثت أن تراجعت بعد عزل الرئيس السابق ودخول مصر فى مرحلة انتقالية جديدة. ويتوقع العديد من الخبراء تراجع التعاون الاقتصادى بين البلدين جراء ذلك.
وقبل النظر فى العلاقات الاقتصادية بين البلدين٬ يجب إدراك تعقد وتشابك العلاقات الاقتصادية بين الدول وكذلك أبعادها المختلفة حيث يستفيد فيها كل طرف من الآخر٬ وهو ما يعتبر أساس فكرة التكامل الاقتصادى فى العصر الحديث.
لذا يجب علينا تحليل أربعة جوانب رئيسية: التبادل التجاري٬ التبادل السياحي٬ الاستثمارات المباشرة٬ والمساعدات الاقتصادية.
بالنسبة للتبادل التجاري٬ بلغت إجمالى الصادرات المصرية لتركيا ١٫١ مليار دولار فى العام المالى الماضي٬ قرابة ٤٪ من إجمالى الصادرات المصرية٬ وتأتى على رأسها الأرز والفحم والبتروكيماويات والقطن والفوسفات.
بينما بلغت إجمالى الصادرات التركية لمصر ٢٫٣ مليار دولار فى العام المالى الماضي٬ قرابة ٢٪ من إجمالى الصادرات التركية٬ وتأتى على رأسها السيارات والحديد والخضر والفواكه والمنسوجات.
وحيث إن تركيا تصدِّر لمصر أكثر مما تستورده منها٬ فإن التبادل التجارى بين البلدين يصب فى صالح تركيا.
ومن المتوقع ألا يؤدى التوتر السياسى الأخير إلى تقهقر كبير فى حجم التبادل التجارى لكن على الأرجح سيؤدى إلى عدم زيادة مستواه الحالى.
وفى حالة حدوث تأثر٬ فإن الصادرات التركية وعلى رأسها الحديد هى ما قد تتأثر٬ خاصة مع وجود تحفظات كبيرة من المنتجين المصريين على ذلك٬ بينما على الصعيد الآخر لا يتوقع حدوث تغير كبير فى مستوى الصادرات المصرية لتركيا بسبب طبيعة هذه الصادرات.
لذلك فإن خسائر تركيا من المتوقع أن تكون أكبر فى جانب التبادل التجاري٬ وإن كانت إجمالى هذه الخسائر ضئيلة.
أما عن التبادل السياحي٬ فقد بلغ متوسط عدد السائحين المصريين لتركيا قرابة ٦٠ ألف سائح سنويا فى الأعوام القليلة الماضية٬ بينما لا يتعدى عدد السائحين الأتراك لمصر بضعة آلاف سنويا٬ وهما ما يجعل التبادل السياحى بين البلدين يصب فى صالح تركيا.
ومن المتوقع أن تؤدى التطورات الأخيرة إلى تراجع التبادل السياحى بين البلدين خاصة مع الدعوات المتصاعدة فى مصر لمقاطعة السياحة التركية وهو ما قد يؤثر على عدد السائحين المصريين لتركيا.
ولذلك فإن خسائر تركيا من المتوقع أن تكون أكبر فى جانب التبادل السياحى.
وبالنظر للاستثمارات المباشرة٬ نجد أن إجمالى الاستثمارات التركية المباشرة فى مصر قد بلغت حوالى ١٫٥ مليار دولار وتوظف هذه الاستثمارات ما يزيد على ٥٠ ألف عامل مصري٬ بينما الاستثمارات المصرية المباشرة فى تركيا منخفضة٬ إن لم تكن منعدمة.
ومع التوتر السياسى الأخير٬ فإنه من الطبيعى أن تتوقف الاستثمارات التركية المباشرة فى مصر عن الزيادة فى الفترة القادمة مع احتمالية خروج العديد من المستثمرين الأتراك من السوق المصرية مخافة الاضطهاد السياسى والمقاطعة الاقتصادية.
لذلك فإن خسائر مصر من المتوقع أن تكون أكبر بكثير فى جانب الاستثمارات المباشرة والتى تحتاج إليها مصر بشدة لإنعاش الاقتصاد.
أما على صعيد المساعدات الاقتصادية٬ فقد قامت تركيا بتقديم حزمة من المساعدات لمصر فى أكتوبر ٢٠١٢ بلغت ٢ مليار دولار٬ مليار دولار منحة لا ترد ومليار دولار قرضا.
بينما لم تقدم مصر أية مساعدات اقتصادية فى الماضى القريب لتركيا والتى شهدت نهضة اقتصادية كبيرة فى السنوات الاخيرة.
ومن البديهى توقف المساعدات التركية لمصر جراء التصعيد السياسى الأخير. لذلك فإن مصر هى الخاسر الحقيقى فى جانب المساعدات الاقتصادية٬ فى وقت تحتاج مصر فيه لكل دعم متاح.
الخلاصة أن العلاقات الاقتصادية بين الدول دائما ما تكون متشابكة ولها أبعاد مختلفة يستفيد فيها كل طرف من الآخر من باب التكامل الاقتصادى.
ومع تصاعد حدة التوتر السياسى مؤخرا بين مصر وتركيا٬ فإنه من المتوقع حدوث خسائر اقتصادية للطرفين٬تخسر فيها تركيا على صعيد التبادل التجارى والتبادل السياحي٬ بينما تخسر مصر أكبر من ذلك على صعيد الاستثمارات المباشرة والمساعدات الاقتصادية، مما يجعل مصر فى المجمل الخاسر الحقيقى اقتصاديا نتيجة هذا التصعيد السياسى والذى يأتى فى وقت تمر فيه مصر بأزمة اقتصادية طاحنة ومتصاعدة تدفعها لزيادة الاعتماد على السعودية والإمارات والكويت٬ بشكل مقلق وغير متوازن سياسيا.
نقلا عن جريدة الشروق المصرية
طرح أ/عمر معادلة عن حجم الصادرات المتبادلة بين البلدين بالمبالغ والنسب ثم قال ان تركيا هي الخاسرة تجاريا برغم ان خسارة مصر في حجم صادرتها هو 4 % وهو اقل من خسارة تركيا من حجم صادرتها لمصر وهو 2 % اما بالنسبة للسياحة فتكلفة السفر لتركيا فتنقسم قسمين القيمة المستردة لصالح مصر و القيمة الغير مستردة فالقيمة المستردة مثل تذاكر الطيران و خدمات التاشيرة و جلب تجارة داخلية والقيمة الغير مستردة نصيب السفارة من التاشيرات و الفنادق و تسوق السائحين واعتقد ان القيمة المستردة اكبر بكثير من القيمة الغير مستردة لذلك يكون اغلب ظني ان الخاسر في السياحة من الجانب الاقتصادي هي مصر
خسارة أخي هي خسارةٌ عليّ أيضاً.
أنت تقول بأن إجمالى الصادرات المصرية لتركيا بلغت نحو ١٫١ مليار دولار فى العام المالى الماضي٬ قرابة ٤٪ من إجمالى الصادرات المصرية٬ وتأتى على رأسها الأرز والفحم والبتروكيماويات والقطن والفوسفات بينما بلغت إجمالى الصادرات التركية لمصر ٢٫٣ مليار دولار فى العام المالى الماضي٬ قرابة ٢٪ من إجمالى الصادرات التركية٬ وتأتى على رأسها السيارات والحديد والخضر والفواكه والمنسوجات إذا فالعبرة ليست بالقيمة المطلقة بل العبرة بنسبة الخسارة مقارنة بحجم الصادرات لأن الصادرات المصرية لتركيا تقارب 20 مليار جنيه و هو رقم كبير جدا مقارن بالناتج المحلي الإجمالي و لذلك فإن مصر هي الخاسر الأكبر و ليس تركيا في ظل التقارب التركي السعودي و التباعد المصري السعودي