النفط في أسبوع: آفاق الصناعات البتروكيماوية العربية

24/11/2013 0
وليد خدوري

استطاعت الصناعة البتروكيماوية العربية أن تنمو وتحتل مكانةً مهمةً في الأسواق العالمية خلال السنوات الماضية، على رغم المنافسة القوية من الدول الأخرى، والمتغيرات المستمرة في الأسواق والتي تؤثر في أسعار المواد المنتجة.

والبتروكيماويات هي المواد الكيماوية المستخرجة من النفط، وتستعمل في صناعات كثيرة، أهمها البلاستيك ومواد التنظيف وزيوت التشحيم.

تتأثر الصناعة البتروكيماوية، كغيرها من الصناعات البترولية، بالمتغيرات الأساسية الاقتصادية والسياسية العالمية، مثل الأزمة الاقتصادية التي لا تزال بصماتها ظاهرة في كثير من الدول، إضافة إلى انعكاساتها على صناعة الطاقة خصوصاً.

كما أن القوة الاقتصادية في العالم تتجه تدريجاً إلى القارة الآسيوية، ما يعني توجه الاستثمارات في الصناعات الجديدة إلى الدول الآسيوية الناشئة، وتوسع الأسواق والقوى الشرائية فيها.

وعلى رغم أن الصناعة البتروكيماوية انتشرت وتوسعت في دول عربية عدة، إلا أن ثقلها الأساسي يبقى في دول الخليج، حيث محور الصناعة النفطية العربية.

وقد عالج آفاق الصناعات البتروكيماوية والكيماويات الخليجي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز، مساعد وزير البترول والثروة المعدنية السعودي في محاضرة له في المؤتمر الثامن للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات الذي عقد في دبي الأسبوع الماضي.

وأشار الأمير إلى أحد الأسباب الرئيسة لتوسع أسواق الطاقة وارتفاع معدلات الطلب، وهو النمو الكبير في حجم الطبقة المتوسطة التي تزيد الطلب على الطاقة والبتروكيماويات.

وذكر أن النمو السريع في الدول الناشئة رفع مستوى المعيشة للملايين من الآسيويين، ونقلهم من حال الفقر إلى طبقة متوسطة كبيرة.

إذ تشير البحوث إلى أن عدد أفراد الطبقة الوسطى في آسيا يقدر بـ525 مليوناً، أي أكثر من عدد سكان دول السوق الأوروبية.

وعلى رغم أن نمو الطبقة الوسطى في دول الشرق الأوسط ليس مشابهاً للنمو الآسيوي، إلا أن هناك نمواً ملحوظاً أيضاً في بعض دول المنطقة، ما يزيد معدلات استهلاك الطاقة.

وأشار عبدالعزيز بن سلمان إلى دراسة أجرتها شركة «إرنست أند يونغ» تبين فيها أن الطبقة الوسطى عالمياً ستزيد خلال العقدين المقبلين من المستوى الحالي البالغ 1.8 بليون إلى حوالى 3.2 بليون نسمة بحلول عام 2020 وحوالى 4.9 بليون في 2030، وستحصل معظم هذه الزيادات في آسيا.

«إن زيادة الطبقة الوسطى الجديدة ستغير أساسيات أنماط التجارة العالمية، إذ إنها ستفتح فرصاً واسعة لصناعات الطاقة والبتروكيماويات.

وستختلف أنماط استهلاك الدول الآسيوية الناشئة والدول البترولية الشرق أوسطية عن الدول الصناعية الغربية، فالطبقة الوسطى الصاعدة حديثاً تتكون في الأساس من الجيل الجديد المتعطش لزيادة استهلاكه.

ففي ضوء هذه المعطيات، تُتوقع زيادة كبيرة في الطلب على البتروكيماويات، مع الزيادة في شراء الأدوات المنزلية والسيارات ووسائل الاتصال والآلات الطبية والملابس»، وفق عبدالعزيز بن سلمان، الذي أشار إلى أن صناعة البتروكيماويات الخليجية في مفترق طرق وتواجه تحديات كبرى كالآتي:

أولاً، المنافسة المتزايدة في مختلف أنحاء العالم.

إذ ستواجه الصناعة الخليجية منافسة حادة من المصانع العالمية الجديدة.

ومع التقدم المستمر في التقنية، سيتوافر غاز أكثر كلقيم للمصانع البتروكيماوية.

ففي الولايات المتحدة سيتوافر الغاز الصخري.

وتشجع الحكومات الآسيوية تأسيس مصانع بتروكيماوية محلية لتلبية الطلب الداخلي.

ثانياً، ازدياد سياسات الحماية الجمركية والعوائق التجارية في بعض الدول، لحماية الصناعة المحلية من المنافسة الدولية.

ويرجح أن تزداد الحماية الجمركية في الدول المستهلكة مع ارتفاع عدد المصانع المحلية، ما يؤدي إلى زيادة كلفة المواد البتروكيماوية للمستهلك النهائي.

ثالثاً، تبقى الأسواق المحلية والإقليمية صغيرة الحجم نسبياً.

وعلى رغم أن صناعة البتروكيماويات الخليجية استطاعت التوسع في الأسواق العالمية، إلا أنه من المهم توسيع الأسواق المحلية والإقليمية، ما يساعد في زيادة الأيدي العاملة في هذه الصناعة، وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.

وهناك إمكانات واسعة يجب تطويرها إقليمياً. ففي عام 1950، شكل عدد سكان الشرق الأوسط حوالى 100 مليون شخص.

وتجاوز عدد السكان عام 2000 مستوى 380 مليوناً.

ويتوقع أن يبلغ حوالى 700 مليون بحلول عام 2050.

لكن، على رغم هذه الأعداد والزيادات، لا يمكن أن تتطور أسواق للصناعة البتروكيماوية من دون محاولات هادفة من جانب الحكومات والقطاع الصناعي، ناهيك عن تبني إصلاحات مؤسسية في قطاع التعليم.

رابعاً، توفر الصناعة البتروكيماوية الخليجية نسبة محدودة فقط في تنويع الاقتصاد المحلي كما في توفير مجالات جديدة للعمل للخريجين الجدد.

على سبيل المثال، يساهم القطاع الصناعي بنسبة 8.9 في المئة من الدخل القومي لدول مجلس التعاون الخليجي، أما مساهمة الصناعة البتروكيماويات فهي 1.5 في المئة منها.

وبالنسبة للأيدي العاملة، تستوعب الصناعة البتروكيماوية حوالى 80 ألف عامل، أي 6 في المئة من مجمل الأيدي العاملة في الصناعات الخليجية.

دعا عبدالعزيز بن سلمان في نهاية كلمته، قطاع البتروكيماويات وحكومات المنطقة، للتأكد من أن الصناعة ستستطيع مواجهة هذه التحديات في المستقبل، كما أشار إلى ضرورة رسم خطة عمل مناسبة بهذا الصدد. ورأى في هذا المجال، أن الإبداع هو عنصر أساس في المنافسة.

والصناعة البتروكيماوية الخليجية لا تزال في حاجة ماسة إلى ولوج حقول تطوير البحوث والتقنية في شكل واسع. والمشاركة مع الشركات الدولية عامل مهم في هذا المجال، ويجب تشجيعها.

لكن هذا ليس كافياً، إذ يتوجب تطوير العنصر البشري المحلي أيضاً.

إن أهمية الإبداع تكمن في تحسين الإنتاجية والإدارة وترشيد استهلاك الطاقة.

وأضاف أن على الصناعة الخليجية التأقلم بسرعة مع قوانين التجارة العالمية المتغيرة. إذ يتوجب على الصناعة المحلية التأقلم مع قوانين منظمة التجارة العالمية لتفادي كثير من النزاعات التجارية. واعتبر أخيراً أن على الحكومات والصناعة العمل بجد لتطوير الأسواق المحلية والإقليمية.

نقلا عن جريدة الحياة