تبلغ تكاليف التعثر في المشاريع الحكومية أكثر من 40 مليار ريال "سنويا" بنسبة الثلث من إجمالي قيمة المشاريع الحكومية، وذلك وفقا لورقة عمل منشورة صحفياً قدمت في منتدى عقود التشييد، من قبل جهة حكومية يفترض فيها منتهى الدقة والموضوعية في كل رقم تطرحه، وهي الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
الرقم خطير، والنسبة مخيفة، والهدر كبير، ولولا أن مقدم ورقة العمل ليس مسئولا حكومياً متخصصاً هو مدير عام متابعة عقود الأجهزة الحكومية والشركات في الهيئة، لقلنا ان الرقم مبالغ فيه، ولو كان القائل كاتب صحفي لتم اتهامه بالإثارة وعدم تحري الدقة.
إذا كان ثلث المشاريع يتعثر، فإن من المتوقع أن يكون الثلث الثاني من المشاريع إما يتأخر أو لا ينفذ بالجودة التي توازي التكلفة، أو ينطوي على أوجه أخرى من التجاوزات المختلفة، ويبقى الثلث "وربما الثلث كثير" من المشاريع هي التي تنفذ في وقتها وبجودة توازي ما يتم صرفه عليها، ودون أن يأتي مفتش الفساد السيد مطر في أي لحظة، الذي زار مؤخرا منطقة حائل، ليكشف فضائح، لم تكتشفها هيئة مكافحة الفساد ولا دواوين المراقبة، وما أكثرها حين تعدها، لكنها عند النائبات قليل!.
يمكن التنظير في المنتديات وفي الصحف كثيراً حول أسباب تعثر المشاريع ونظام المشتريات الحكومية، وفي وقت أقول أنه يجب تغيير هذا النظام، فإنني أؤمن بأن الخلل الرئيسي المصاحب لتنفيذ المشاريع والبرامج التطويرية يتعلق بالمسئولين عن تنفيذ هذه المشاريع والبرامج وآليات تعيينهم، حيث الولاءات والعلاقات، لا الخبرات والنجاحات السابقة، وأكرر ما قلته مرارا وهو:
من الطبيعي أن يتعثر أي برنامج أو مشروع يشرف عليه مسؤول تتوفر لديه مقومات الفشل لا النجاح، حتى لو سعى إلى النجاح، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فإن كان إضافة إلى عدم التأهيل والخبرة لا يهمه إلا مصلحته الشخصية، نصبح أمام مصائب إدارية وتنموية كل منها أعظم من الأخرى، لن يعالجها مئة نظام، ولا مئة هيئة رقابية.
الخلاصة: يكفينا من هيئة مكافحة الفساد "نزاهة" أن تلزم كافة الجهات بأن تكون النزاهة بمعناها الاخلاقي الشامل المعيار الأول في تعيين أي مسئول في البلد.
نقلا عن جريدة الرياض