تقرير التنمية البشرية لعام 2013 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP كان موضوعه «نهضة الجنوب»، ويقصد بالجنوب هنا ما يطلق عليه عادة الدول النامية، والنهضة المقصودة هي معدلات النمو الاقتصادي العالية والتنمية الشاملة التي تحققها العديد من دول الجنوب، ما يعني تعاظماً متسارعاً لدورها وأهميتها في الاقتصاد العالمي، والذي رأى التقرير أنه لا بد وأن ينعكس بدور أكبر في المؤسسات السياسية والاقتصادية الدولية.
وقد وصف التقرير هذه النهضة بالظاهرة التي لا سابق لها من حيث السرعة والنطاق، ودلل على ذلك بكون إنتاج الاقتصادات الثلاثة الرئيسية وهي البرازيل والصين والهند تعادل حاليا إنتاج اقتصادات ألمانيا وإيطاليا وفرنسا والمملكة المتحدة وكندا والولايات المتحدة مجتمعة، ما يعني تحولاً هائلاً وسريعاً في ميزان القوة الاقتصادية بحيث يتوقع أن تصبح اقتصادات هذه البلدان الثلاثة تعادل 40% من الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050.
ورأى التقرير أن المؤسسات والمبادئ التي يرتكز عليها نظام الحكم الدولي الحالي مصممة لنظام عالمي بات بعيداً عن الواقع الجديد، كون هذه المؤسسات لا تمثل الجنوب بالمستوى المطلوب ولا تتناسب مطلقا مع قوته وأهميته الاقتصادية المتنامية، وأن هناك بالتالي ضرورة لأن تصبح تلك المؤسسات أكثر تمثيلاً لهذا الواقع من خلال إعطاء دور أكبر في هذه المؤسسات لدول الجنوب، وإلا فإن هذه المؤسسات ليس فقط سيضعف دورها بل أيضا لن تتمكن من توفير الموارد المالية اللازمة لتمويل أنشطتها الأساسية.
كما دعا التقرير إلى تعاون وتآزر أكبر بين دول الجنوب، بما في ذلك بناء مؤسسات جديدة تعنى بتعزيز التجارة والاستثمار وتسهيل تبادل التجارب بين دول الجنوب وصياغة رؤية جديدة تسهم في تحويل تنوع الجنوب إلى قوة للتضامن.
من ثم فإن الإحباط الذي تشعر به المملكة من مجلس الأمن هو في حقيقته جزء من واقع جديد بدأ يفرض نفسه مع تنامي دور الجنوب وقوته الاقتصادية وعلى الدول التي صاغت وفرضت النظام العالمي الحالي بمؤسساته السياسية والمالية والاقتصادية أن تتقبل وتستوعب هذا التحول، وموقف المملكة من مجلس الأمن يأتي ضمن شعور أوسع في دول الجنوب بالحاجة إلى تطوير تلك المؤسسات وإعادة صياغة قواعد العمل فيها بما يعطي دور أقوى لهذه المجموعة فيها.
من ثم فإن موقف المملكة سيكون أقوى تأثيرا عندما يكون ضمن إستراتيجية أوسع تشارك بها دول الجنوب ككتلة واحدة تفرض دوراً أكبر لها في المؤسسات العالمية بما في ذلك مجلس الأمن، ولن تستطيع القوى المهيمنة الوقوف في وجه ذلك في ظل تراجع هيمنتها الاقتصادية والقدرة المتزايدة لدول الجنوب على إدارة ظهرها لتلك المؤسسات إن هي أصرت على بقائها بعيدة عن تمثيل الواقع الجديد الذي بدأ يفرض نفسه بقوة.
نقلا عن جريدة الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
المملكة ستعود الى المجلس بعد ان ابدت وجهة نظرهاولكن الغرب لن يتخلى عن احتكاره للامم المتحدة وربما يدخلون الهند والبرازيل بدون حق الفيتو كما يتداول حاليا وكمثال انظر الى صندوق النقد والبنك الدولي لم يعطوا حصصا مؤثرة لروسيا او الصين او الهند