المستقبل المجهول

03/10/2013 0
د.فهد صالح عبدالله السلطان

قلة هم أولئك الذين يختلفون على أننا نعيش في فترة حرجة من تاريخ البشرية اتسمت بحدوث تطورات جذرية وسريعة على المستويات التقنيه والمعلوماتية والاقتصاديه والسياسية والاجتماعية، بل والطبيعية والمناخية.. ولم يعد بمقدور الفرد ولا الجماعات أو حتى الحكومات القدرة على متابعتها.. وفيصل الاختلاف بين الماضي والحاضر - في تقديري - أن الماضي اتسم بأن الكل كان يهدف إلى الاستقرار ويعمل على تحقيقه بينما أضحى التغيير هدف الحاضر وغاية أهله.

يقول الرئيس أوباما في حملته الانتخابية المشهورة الأولى: التغيير لن يحدث إذا انتظرنا من يقوم به، نحن التغيير الذي نطمح لتحقيقه.. وتتخطى أنجيلا ميركل ذلك في حملتها الانتخابية أيضاً فتؤكد بأن المسألة ليست هل نحن قادرون على أن نتغير أم لا؟.. ولكن السؤال الأهم هل نحن نتغيَّر بالسرعة المناسبة؟.. الملاحظ أن كلا الزعيمين الدوليين ركز على قضية التغيير في الحملة الانتخابية على اعتبار أن التغيير هو هدف العصر وفيصله وغايته ومحور الاهتمام لدى جمهور الناخبين.

وعلى العموم ليس هذا هو المهم، فالكل يدرك أن التغيير أصبح مسلَّمة من مسلَّمات العصر وسمة من سماته.. ولكن الذي يعنينا هنا أن التغيير السريع أفضى إلى تدنٍ في وضوح المستقبل خصوصاً في البعد الاقتصادي وازدياد في الشكوك حياله الأمر الذي يرفع مستوى المخاطر ويقلل من فاعلية التخطيط متوسط وطويل المدى، ويؤكد على أهمية مراجعة الهيكل الاقتصادي وضرورة إعادة صياغته بما يساعد على مواجهة المتغيرات المتسارعة وضبابية الطريق.. ليس هذا على مستوى الحكومة فقط ولكن على مستوى الشركات بل والأفراد أيضاً.

التطورات والدلائل والمؤشرات الإقليمية والعالمية لا تترك مساحة كبيرة للمتفائلين بالاستقرار الاقتصادي، خصوصاً أن الأزمات الاقتصادية في هذه الفترة اتسمت بأنها تحدث في زمن قياسي وبدون سابق إنذار.. فمن يُراجع الركود الاقتصادي لعام 2007 الذي ضرب الاقتصاد الأمريكي ويقارن بينه وبين الأزمات الاقتصادية الأمريكية للأعوام 1929 وعام 1943، وعام 1967، وعام 1973 وعام 1983 وغيرها من الأزمات الاقتصادية التي عصفت بالولايات المتحدة في القرن الماضي يلاحظ أن أزمة هذا القرن حدثت بسرعة أشبه ما تكون بسقوط الحائط.. ولا أحد يمكن أن يتنبأ بنتائج أزمة إقرار الميزانية الأمريكية هذه الأيام وتبعات تسريح 800 ألف موظف فدرالي.

وباختصار، فالذي أردت التذكير به هو أن الكيِّس من دانَ نفسه.. والأزمات الاقتصادية هنا وهناك في الولايات المتحدة وأوربا وكثير من الدول العربية والمستجدات السياسية والمتغيرات التقنية والاجتماعية وغيرها، كفيلة بأن تكون نذيراً وصفارة إنذار لأُولي الألباب.. فهل من مدكر؟

نقلا عن جريدة الجزيرة