هل أصبحت المشتقات المالية حلالاً؟

16/09/2013 13
محمد العمران

لسنوات طويلة جداً وكما يعلم الجميع، كانت هناك فتاوى شرعية من علمائنا ومشايخنا الأفاضل تتفق في غالبها على تحريم التعامل بالمشتقات المالية بصفة قطعية، على اعتبار أنها متاجرة في عقود تشتق قيمتها من قيمة أصول أخرى كالأسهم والسندات والسلع وغيرها (و ليست متاجرة في الأصول نفسها)،

وأنا هنا ألخص لكم ما توصل إليه علماؤنا ومشايخنا الكرام، وليس لنا إلا احترام هذه الفتاوى بالرغم من ما يكتنف هذا الموضوع من تفاصيل وتعقيدات وآراء كثيرة ليس المجال مناسباً الآن لشرحها.

قبل أيام، انتهت فترة تداول حقوق الأولوية على أسهم زيادة رأس المال لشركة مسك، وذلك لأول مرة في تاريخ السوق المالية السعودية، إلا أن ما يهمنا أن تداول هذه الحقوق في الواقع هو تداول لمشتقات مالية، وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان، وما يؤكد هذا أن قيمة هذه الحقوق (والمتمثلة بقيمة الحق الإرشادية) تشتق قيمتها من قيمة السهم الأصلي المتداول في السوق، كما أن هذه الحقوق في الحقيقة هي أوراق مالية لا تتضمن أي أصول لكنها تعطي حامليها الحق في شراء أصول على شكل أسهم جديدة بشرط دفع قيمتها في الاكتتاب، بينما تم المتاجرة في هذه الحقوق قبل تحولها إلى أسهم!!

ما يلفت انتباهنا أننا حتى الآن لم نسمع أي رأي شرعي يقضي بتحريم التداول او المتاجرة في هذه المشتقات، كما لو أن تداولها والمتاجرة بها أصبحت جائزة من المفهوم الشرعي، وهنا يحق لنا جميعاً أن نتساءل: هل أصبحت المشتقات المالية حلالاً؟ ولماذا هذا السكوت؟ في السياق نفسه، هناك نقطة أخرى كان ينبغي التصدي لها وهي «الغبن الفاحش» الذي تعرض له آلاف المستثمرين في معظم أيام تداول هذه المشتقات عندما تداولوها بأسعار تفوق كثيراً قيمتها العادلة حسابياً (المتمثلة بقيمتها الاسترشادية) حتى أصبح الأمر برمته «أضحوكة» للدلالة على «الجهل المالي» قبل «الجهل الشرعي» بين أوساط المستثمرين في المملكة، وهو ما أعاد الوعي الاستثماري بين المستثمرين للوراء كثيراً جداً!!

يجب أن أشير إلى أنني حرصت على كتابة هذا المقال في هذا الوقت وبعد تداول هذه المشتقات حتى أعطي الفرصة كاملة لكل من كان يرغب في إعطاء رأيه الشرعي وحتى لا أبدوا متعجلاً في طرح هذا الموضوع المهم. وعلى أي حال أعتقد أنه من حقنا جميعاً الآن أن نعرف الرأي الشرعي الصحيح لهذه المشتقات، وهذا بالتأكيد من أبسط حقوقنا. فإذا ثبت تحريمها (وهو ما أتوقعه أنا شخصياً) فمن حقنا أن نتساءل مرة أخرى: من سيتحمل «إثم» آلاف المستثمرين الذين تداولوا وتاجروا بهذه المشتقات المحرمة شرعاً؟

نقلا عن جريدة الجزيرة