لسنوات طويلة جداً وكما يعلم الجميع، كانت هناك فتاوى شرعية من علمائنا ومشايخنا الأفاضل تتفق في غالبها على تحريم التعامل بالمشتقات المالية بصفة قطعية، على اعتبار أنها متاجرة في عقود تشتق قيمتها من قيمة أصول أخرى كالأسهم والسندات والسلع وغيرها (و ليست متاجرة في الأصول نفسها)،
وأنا هنا ألخص لكم ما توصل إليه علماؤنا ومشايخنا الكرام، وليس لنا إلا احترام هذه الفتاوى بالرغم من ما يكتنف هذا الموضوع من تفاصيل وتعقيدات وآراء كثيرة ليس المجال مناسباً الآن لشرحها.
قبل أيام، انتهت فترة تداول حقوق الأولوية على أسهم زيادة رأس المال لشركة مسك، وذلك لأول مرة في تاريخ السوق المالية السعودية، إلا أن ما يهمنا أن تداول هذه الحقوق في الواقع هو تداول لمشتقات مالية، وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان، وما يؤكد هذا أن قيمة هذه الحقوق (والمتمثلة بقيمة الحق الإرشادية) تشتق قيمتها من قيمة السهم الأصلي المتداول في السوق، كما أن هذه الحقوق في الحقيقة هي أوراق مالية لا تتضمن أي أصول لكنها تعطي حامليها الحق في شراء أصول على شكل أسهم جديدة بشرط دفع قيمتها في الاكتتاب، بينما تم المتاجرة في هذه الحقوق قبل تحولها إلى أسهم!!
ما يلفت انتباهنا أننا حتى الآن لم نسمع أي رأي شرعي يقضي بتحريم التداول او المتاجرة في هذه المشتقات، كما لو أن تداولها والمتاجرة بها أصبحت جائزة من المفهوم الشرعي، وهنا يحق لنا جميعاً أن نتساءل: هل أصبحت المشتقات المالية حلالاً؟ ولماذا هذا السكوت؟ في السياق نفسه، هناك نقطة أخرى كان ينبغي التصدي لها وهي «الغبن الفاحش» الذي تعرض له آلاف المستثمرين في معظم أيام تداول هذه المشتقات عندما تداولوها بأسعار تفوق كثيراً قيمتها العادلة حسابياً (المتمثلة بقيمتها الاسترشادية) حتى أصبح الأمر برمته «أضحوكة» للدلالة على «الجهل المالي» قبل «الجهل الشرعي» بين أوساط المستثمرين في المملكة، وهو ما أعاد الوعي الاستثماري بين المستثمرين للوراء كثيراً جداً!!
يجب أن أشير إلى أنني حرصت على كتابة هذا المقال في هذا الوقت وبعد تداول هذه المشتقات حتى أعطي الفرصة كاملة لكل من كان يرغب في إعطاء رأيه الشرعي وحتى لا أبدوا متعجلاً في طرح هذا الموضوع المهم. وعلى أي حال أعتقد أنه من حقنا جميعاً الآن أن نعرف الرأي الشرعي الصحيح لهذه المشتقات، وهذا بالتأكيد من أبسط حقوقنا. فإذا ثبت تحريمها (وهو ما أتوقعه أنا شخصياً) فمن حقنا أن نتساءل مرة أخرى: من سيتحمل «إثم» آلاف المستثمرين الذين تداولوا وتاجروا بهذه المشتقات المحرمة شرعاً؟
نقلا عن جريدة الجزيرة
شكرا على هذا المقال الفريد من نوعه لتنبيه الالاف من الافراد الذين يغلب عليهم سياسة اتباع القطيع دون فهم او وعي اقتصادي او شرعي.. لدرجة انهم صاروا اضحوكة كما ذكرت
كعادتك مقال جميل واعي تشكر عليه
ان الاوان ليكون هناك اقتصاديين يدرسون الشريعه وليس ماهو موجود وهو شرعيين درسو الاقتصاد
عشان يجيك واحد مثل حمزة السالم !!
ممكن انا اقول ان حمزة افضل بكثير من فلان وعلان ممن ينتمون "لرجال الدين" ، ومن ثم ماذا سنستفيد من هذا التشخيص وهذا النوع من الحوارات . نحن الآن على مشارف العام 2014 ولم يعد ممكننا حجب المعلومات أو الأراء فالأفضل هو مناقشة الأفكار ودحضها وتفنيدها والرد على الحجة بالحجة ،والرأي الساقط سيظهر عواره للناس بدون الحاجة لهذا المنهج الإقصائي ! وأنت تقول وأنا أقول والناس لها عقول !
مقال رائع , وتساؤلات في محلها ,,
أستاذ محمد مقالك مبني على اعتقادك أن علة تحريم المشتقات المالية هو كونها مشتقات وليست اصولا في نفسها كما ذكرت في بداية المقال والحقيقة أن هذه الفرضية غير صحيحة فالمشتقات المالية صورها كثيرة وعلة التحريم في كل صورة تختلف عن الاخرى. وحقوق الاولوية هو بيع لحق في الاكتتاب وبيع الحقوق جائز في الشريعة بشكل لهذا لابد من رأي فقيه يبين علة التحريم إن كانت موجودة.
اضافة: هناك كتاب نشره كرسي سابك للدراسات الاقتصادية بجامعة الامام بعنوان "المشتقات المالية دراسة فقهية" وهو رسالة دكتوراه.
حرام حلال حلال حرام تغيرات في الفتاوي افقدتنا الثقة في مايقولون سوف نستغل كل شي يربحنا اذا لم يكن حرام بين وكفى
اخالفك الرأى استاذى الكريم فبيع حقوق الاولويه ليس فيها غبن فكل المعلومات متوفره للبائع والمشترى العاقل الرشيد وهو بيع حق عينى فى اسهم سيتم شراؤها فى زمن وقيمه معلومه، الخلاصه ان المشتقات الماليه او مايطلق عليها Derivatives منها ماهو محرم مثل عقود بيع الدين "سبب رئيسى فى ازمة البنوك الامريكيه فى 2008" وعقود Options والتى تعتمد فى اساسها على المخاطره والمقامره ان صح التعبير (كأن تشترى عقد لشراء سهم بسعر منخفض "غير معلن فى السوق ولكن متفق عليه بين البائع والمشترى" فإن ارتفع سعره فى السوق سيرتفع سعر العقد اما اذا انخفض سعره اكثر فتصبح قيمته صفر بالنسبه للسوق وتضيع اموال صاحب العقد لأن الشراء من السوق سيكون افضل)، الجدير بالذكر ان احد انواع المشتقات الماليه تستخدمها شركات عديده منذ سنوات طويله مثل شركة سابك وتحديدا فيما يطلق عليه عقود التحوط او Hedging Contract لشراء العملات الاجنبيه باسعار ثابته من السوق وهو ما اجازه فقهاء الاقتصاد الاسلامي
لدى تعقيب بسيط على احد المشتقات الماليه الطريفه التى قابلتني خلال فترة دراستى فى الولايات المتحده وهى مشتقات الطقس Weather Deivatives وهى ببساطه عقد تحوط (مثل عقود التأمين ولكن قابله للتداول فى السوق) من تغير احوال الطقس كمثال تحوط مزارعى العنب فى ولاية كاليفورنيا من هطول الامطار الغزيره خلال فترة الحصاد، مثلا يكون سعر الورقه 1,000 دولار للفدان فإن هطلت الامطار وفسد جزء من المحصول يعوض المزارع بمبلغ 10,000 دولار للفدان وان كان الطقس مشمس وانتهى الحصاد كانت قيمة الورقه صفر، الطريف ان المستثمرين فى هذا النوع من الاوراق وخاصة المزارعين او اصحاب الحدائق المفتوحه يراقبوا شاشات الارصاد الجويه بدلا من شاشات البورصه :)
مشكلتك انك تنظر من زاوية ضيقة ...بينما الفقه الاسلامي رحب و عظيم و يواكب اعظم الانتاج البشري في مجالات الافصاد ....و مثل قضية المشتقات المالية ....تحتاج لكوكبة من عباقرة الفقة و الاقتصاد لأنهم اجدر الناس بطرح الراي و الفتوى في هذه المسائل ...لأنها قضايا كبرى في الاقتصاد ...و تحتاج لجهابذة علماء الفقه الاسلامي و عباقرة الاقتصاد ....فهذه مسائل تحتاج لشخصيات راسخة في الفقه و كذلك متبحرة بعمق في الاقتصاد و كذلك شخصيات تملك افق واسع في الوعي و تحوز على قدر كبير من التفكير الابداعي الخلاق
شكراً لك اخي محمد العمران مقال مهم في هالوقت