الفقر خطير وهو يزداد في مجتمعنا

04/09/2013 5
مازن السديري

يوجد في السعودية تباين اجتماعي واضح في القدرات المادية، وهذا ليس بين أفراد بل طبقات والمؤشرات العقارية واضحة وكذلك إحصائيات الدخل والرواتب والتي تؤكد هذه الفوارق والتي ممكن أن تزيد نسبة الفقراء في المجتمع، وهذا ما يفسر الحديث والإشاعات عن زيادة الرواتب في الشهر الماضي وكان لذلك تفاعل اجتماعي عال.

الفقر لا يظهر فجأة بل بشكل تراكمي عبر السنين فمثلا مصر لم يكن مجتمعها فقيرا وكانت الشعوب العربية والمتوسطية تهاجر إلى مصر من لبنان والمغرب حتى من أوروبا مثل اليونان وإيطاليا وذلك بسبب الازدهار والفرص الاقتصادية هناك وذلك حتى فترة قريبة في أربعينيات القرن الماضي وفي أول الثمانينات الميلادية بات جليا وضوح نسبة الفقر العالية للأسف في مصر برغم أن الأسباب التي أدت إلى ذلك حدثت قبل ذلك بعقود، أما في الاقتصاديات البدائية وبالتحديد الزراعة فممكن حدوث الفقر فجأة بسبب تغيير بيئي مثل حدوث جفاف أو فيضانات.

الفقر خطير ومحاربته صعبة وحسب بعض الدراسات الاقتصادية التي تبين ان الفقر إذا دخل إلى شريحة من المجتمع فإنه قد يستغرق إلى عقد من الزمان لمكافحته وآثاره قد تتجاوز ذلك من فساد وجريمة، طبعاً ما يخيفنا من ذلك هو وجود شريحة في المجتمع تمر بنفس الظروف والنزول التدريجي لمستوى الفقر والمؤشرات العقارية واضحة، مثلا إحصائيات رسمية من وزارة الاقتصاد صرح بها الوزير نفسه من أن 60% من المواطنين يملكون سكناً بما يعادل 1.8مليون مسكن خاص وأضاف أن منها بيوتا متواضعة...ما يعني أن من الذين يملكون مسكنا من هم في طور الفقر تقريبا وهناك إحصائية خرجت من جهة أخرى غير رسمية تقول بأن 26 % من المساكن هي شعبية.

بمعنى أن هناك شريحة في المجتمع وهي ليست بسيطة لا بد من رصدها وهي ضحية تراجع التنمية التعليمية في الثمانينات الميلادية جعلت من قدراتهم غير متناسبة مع التطورات الاقتصادية وهذا ما يجعلهم غير قابلين للتماشي مع مبادئ الكفاءة الاقتصادية فمثلا لا يمكن أن نطلب من شخص خريج تخصص إنساني مثل (تربية أو علم اجتماع) أنت تذهب وتعود لمقاعد الدراسة وهو قد تجاوز الأربعين حيث كانت هذه التخصصات المتاحة في ذلك الزمان بشكل كبير برغم محدودية طلب سوق العمل عليها بل أغلب خريجيها هو القطاع العام صحيح قد يذكر لي أحد القراء بأن الغربيين يعودون للدراسة في سن الخمسين هذا صحيح ولكن أغلب من يفعل ذلك حسب الإحصائيات الأكاديمية هم عزاب وليس مثل الحال لدينا من أرباب أسر ومتوسط أفرادها 5.6 أشخاص وبعض ذلك الجيل لم يدخل للجامعة أصلا.

كان من أسباب فشل الإصلاح الاقتصادي في إيران ومصر سرعة التحول إلى الاقتصاد الحر التي أدت لتسارع التضخم ووجود نسبة عالية من المجتمع لم يكن تعليمها قادرا على مواكبة تغير المهارات ومن أسباب النجاح في التحول الاقتصادي التركي والبرازيلي مراعاتها لوجود شريحة لن تتحمل التحول إلى الاقتصاد الحر فجأة وغياب الدعم وسميت (تكامل المجتمع اقتصاديا) ومراعاة أيضا تنامي التضخم للنمو الحقيقي بالإضافة إلى وجود الفساد والتخلف البيروقراطي والتشريعي والذي سوف يحرم شرائح المجتمع في بداية الطفرات الاقتصادية، والتنظيم الإداري والتطور القضائي هم الأساس لتجلي العدالة التي تحارب الفساد.

أخيراً كانت وجهة النظر ضد زيادة الرواتب بشكل مطلق للجميع لأنها لن تكون الحل لأنها سوف تعقب بتضخم يغلي مكاسب هذه الخطوة وهذا صحيح ولكن لابد من البحث عن حل آخر وأطلب هذا من وزارة الاقتصاد بالتحديد لوضع معايير ترصد هذه الفئة عبر المؤشرات العقارية أو مستوى الدخل ومهن الآباء من هم بين الأربعين والستين من العمر بحيث تحصن هذه الفئة قدر المستطاع من تنامي التضخم وأن يكون لها الأولوية في منح الإسكان والفرص التعليمية والصحية لإعادة تكاملهم وتحقيق تكامل المجتمع اقتصادياً وتتحول مستقبلاً إلى شريحة قابلة للتعامل مع مفاهيم الاقتصاد الحر.

نقلا عن جريدة الرياض