بنوكنا لا تكفي الحاجة

14/08/2013 8
محمد العنقري

استشراف المستقبل من خلال الواقع غالباً ما يقي من الوقوع بالأزمات، وفي الاقتصاد الوطني الذي يحقق منذ سنوات نمواً كبيراً ويسجل أرقاماً غير مسبوقة بالإيرادات والإنفاق والناتج المحلي، فإن حجم القطاع المصرفي أصبح أقل من احتياجات الاقتصاد حسب المعطيات المستندة لأرقام السوق.

فعدد البنوك التجارية القائمة حالياً يبلغ اثني عشر أي أن لكل 2،4 مليون نسمة من السكان البالغ عددهم قرابة 30 مليوناً بنكاً واحداً وعدد الفروع بلغ 1722 فرعاً أي أن لكل 16 ألف نسمة فرعاً واحداً، فيما لا يُؤخذ بعين الاعتبار من حيث التأثير والحجم فروع البنوك الأجنبية القليلة المرخصة بالمملكة، فعددها وأدوارها تبقى محدودة، أما رؤوس أموال البنوك الرئيسة بعيداً عن فروع البنوك الأجنبية يتخطى بقليل 110 مليارات ريال.

فيما تخطى الناتج المحلي للعام الماضي 2،6 ترليون ريال العام الماضي، ومع توسع دور القطاع الخاص بالناتج المحلي وتخطيه لعدة سنوات حاجز 50 بالمائة من نسبة تأثيره بالناتج المحلي كنتيجة طبيعية لأثر الإنفاق الحكومي التوسعي، فإن متطلبات التمويل للقطاع الخاص تزداد سنوياً، وقد قارب حجم التمويل المقدم بالاقتصاد لكافة الفئات ترليون ريال.

وإذا ما نظرنا للمستقبل فإن حجم الطلب على التمويل سيرتفع أكثر، خصوصاً مع برامج التمويل السكني، وكذلك تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة والقطاع الصناعي الذي يتوقع أن يشهد توسعات كبيرة مع تأهيل المدن الصناعية والاقتصادية ودخول الصناعات التعدينية كلاعب رئيس بالصناعة الوطنية والتوجهات القادمة للصناعات التحويلية وحاجة الاقتصاد لفتح مئات الآلاف من فرص العمل مستقبلاً، فإن احتياجات التمويل ستتوسع والتي ستسهم بضغط كبير على البنوك بواقعها الحالي إذا لم يتطور وسترتفع المخاطر وحساباتها، والتي بالتأكيد ستحد من التوسع بالتمويل خصوصاً إذا ما قرنت بمعايير بازل 3 أن الكثير من المعطيات الاستشرافية للمستقبل تفرض إعادة النظر بحجم القطاع المالي وعدد البنوك، فمن المعروف أن البنك يحتاج سنوات لبناء قاعدته من البنى التحتية والكوادر البشرية وغيرها بعد تأسيسه.

وإذا كان التصور واضحاً بحجم الاحتياج المستقبلي لدور كبير للقطاع المصرفي فإن الاستعداد المبكر بترخيص بنوك جديدة بمختلف التخصصات ضرورة من الآن لتدارك احتياج المستقبل وتقليص دور البنوك والصناديق الحكومية بسوق التمويل وتوطين الاستثمارات، حيث اتجه العديد من رجل الأعمال لتأسيس بنوك بدول الجوار نتيجة لصعوبات التراخيص بالمملكة، وبقدر نجاح مؤسسة النقد بالإشراف على القطاع المالي وتجنيبه للأزمات ورفع قوة ملاءته المالية، فإن هذا النجاح يفترض أن يساهم بتوسع القطاع وتنوع أدواره بالاقتصاد الوطني.

نقلا عن الجزيرة