الخلط بين ذروة العرض وذروة الطلب على البترول

08/06/2013 2
د. أنور أبو العلا

درج بعض المحللين في وسائل الإعلام الغربية مؤخّرا (وانخدع بتحليلهم بعض المتخصصين لدينا) على أن يفسروا ذروة عرض البترول على أنها ذروة طلب البترول.

الخلط بين الذروتين واضح للمتخصصين في اقتصاديات الطاقة.

لكن بالنسبة للمحللين الماليين يحدث الخلط لديهم بسبب خداع البصر، لأنهم عندما ينظرون إلى الرسوم البيانية التي اعتادت أن تنشرها الجهات المتخصصة (كوكالة الطاقة العالمية IEA) فيرون أن التقارير القديمة كانت تتوقع أن كمية استهلاك البترول ستتجاوز ال 120 مليون برميل في اليوم عام 2030.

لكن في التقارير اللاحقة (ما بعد عام 2012) انخفض توقعها لاستهلاك البترول إلى أقل من 100 مليون برميل في اليوم عام 2030.

ففسروا انخفاض الكمية المتوقع استهلاكها من البترول أنها بسبب بلوغ الطلب على البترول ذروته فبدلاً من أن يرتفع أخذ ينخفض.

بينما الحقيقة أن السبب في انخفاض الكمية المتوقع استهلاكها هو لأنه اتضح أن عرض البترول لا يستطيع أن يلبي الزيادة في الطلب وبالتالي بالتأكيد ستنخفض الكمية المستهلكة اضطرارا بالتبعية لبلوغ عرض البترول ذروته (وليس بسبب ذروة الطلب).

سيقول البعض هات دليلك على أنها ذروة العرض وليست ذروة الطلب.

الدليل واضح لكل من يعرف المبادئ الأولية لعلم الاقتصاد. فوفقاً للمصطلح أن ذروة الطلب تعني أن الطلب على البترول وصل أعلى قمته وسيبدأ الانخفاض تدريجياً ما سيؤدي إلى الانخفاض في السعر سنة بعد سنة إلى أن تعود الأسعار إلى ما كانت عليه في الثمانينيات أقل من عشرين دولارا للبرميل.

بينما ذروة العرض تعني أن عرض البترول وصل أعلى قمته، وأنه سيعجز عن تلبية نمو الطلب فتتصاعد الأسعار ما سيؤدي تلقائياً إلى انخفاض الطلب مضطراً لمسايرة ذروة العرض.

بتطبيقنا لهذه القاعدة الاقتصادية على الواقع نجد أن أسعار البترول آخذة في التصاعد (دليل على ذروة العرض) فبعد أن كانت تحوم حول العشرين دولارا للبرميل قبل عام 2000 أخذت ترتفع إلى أن اصبحت تحوم حول المائة دولار منذ بداية هذا القرن ومتوقع لها (وفقاً للجهات المتخصصة كإدارة معلومات الطاقة الأمريكية) أن تواصل الارتفاع إلى أن تتجاوز المائتي دولار للبرميل عام 2035.

قد يسأل البعض ولكن كيف تفسّر انخفاض سعر البترول الآن إلى ما بين 100 - 105 دولارات للبرميل بعدما كان متوسط سعره 112 دولارا للبرميل عام 2012؟

التفسير أبسط من البسيط. لقد كان سعر صرف الدولار عام 2012 يساوي أقل من 85 ينا (العملة اليابانية) لكن ارتفع سعر صرف الدولار ليحوم ما بين 100 – 103 ين الآن.

معنى هذا أن المشتري الياباني الذي كان يشتري برميل البترول بسعر 9520 ينا(112 دولارا) عام 2012 أصبح يشتريه الآن بسعر 10200 ين (120 دولارا بسعر الصرف لعام 2012).

هذا يزيد ثقتي بمقالي المنشور في هذه الزاوية بعنوان: "أسعار البترول للعامين 2013 – 2014" بتاريخ 2 فبراير 2013 حيث جاء بالنص: "متوسط سعر برنت سوف يكون ما بين 112 – 115 دولاراً للبرميل خلال عامي 2013- 2014 ولا يوجد احتمال أن يتجه إلى الأسفل إلا في حالة ارتفاع سعر صرف الدولار بالنسبة لعملات الدول المستوردة للبترول".

موضوع زاوية السبت القادم - إن شاء الله - بعنوان: "الجديد في تقرير أرامكو الجديد". الصادر بتاريخ 27 مايو (قبل اسبوعين).

نقلا عن جريدة الرياض