رفع الرسوم الجمركية على منتجات التبغ

04/06/2013 4
فضل بن سعد البوعينين

تُرَكِّز دول الخليج في حربها المستمرة ضد التدخين على برامج التوعية وإبراز المخاطر الصحية المرتبطة بتعاطي التبغ؛ إضافة إلى تبنيها تطبيق بعض القرارات الدولية التي يُعتقد بتأثيرها القوي على المدخنين ومنها قرار منع التدخين في الأماكن المُغلقة كالمطاعم والمطارات وأماكن العمل؛ ومنع بيعه على القاصرين؛ ونشر إعلانات التحذير والصور المقززة على علب السجائر. 

تُصنف برامج التوعية المستخدمة في مكافحة التدخين ضمن البرامج التقليدية التي يتناقص تأثيرها مع مرور الوقت فتصبح من الأدوات غير الفاعلة بسبب تعايش المدخنين معها.

إلا أن تأثيرها قد يزداد فاعلية إذا ما ارتبطت بقوانين صارمة؛ تجمع بين التوعية وقرارات المنع؛ وبين فرض الغرامات المالية المرتفعة على المخالفين؛ وزيادة أسعار السجائر ورفع تكلفة التأمين على المدخنين. 

تخسر الولايات المتحدة الأميركية ما يقرب من 190 مليار دولار سنويا؛ بسبب التدخين؛ ما جعلها تراجع سياسات المكافحة التي تعتمدها في حربها المستمرة عليه.

توصل الخبراء إلى أن التأثير الأكبر على المدخنين يأتي في الغالب من عنصر التكلفة المالية لا العناصر التوعوية والتنظيمية الأخرى الداخلة في منظومة المكافحة.

ومن هنا بدأت السلطات الأميركية في رفع الضرائب على التبغ بأنواعه؛ ورفع الغرامات على المدخنين والسيطرة على منافذ البيع في حملة شاملة ركزت فيها على القاصرين والمراهقين؛ وسمحت لشركات التأمين بالتمييز بين المدخنين وغير المدخنين في احتساب تكاليف بوليصة التأمين الطبية؛ أو التأمين على الحياة. 

مخاطبة «جيب» المدخن أقوى في التأثير؛ وإحداث التغيير المنشود؛ من مخاطبة العقل الذي تسيطر عليه الأهواء والغرائز؛ في الوقت الذي يمكن أن تكون فيه لغة الأرقام المالية المرتبطة بالدخل والإنفاق أكثر تأثيرا في الحكومات من أعداد المرضى والوفيات الناجمة عن التدخين.

رفع أسعار السجائر ساعد الولايات المتحدة الأميركية على خفض نسبة المدخنين بشكل حاد؛ وأسهم في الحد من انتشار التدخين بين القاصرين والمراهقين الذين باتوا غير قادرين على شراء السجائر لارتفاع أسعارها؛ وأمَّن لهم أموالا إضافية لمعالجة المتضررين.

أما إعادة تنظيم بيع السجائر في المتاجر؛ فأسهم في تفعيل قوانين منع بيعها على الأطفال والمراهقين؛ وحد من بيعها في المتاجر العامة والأكشاك. 

لغة الأرقام كانت أكثر تأثيرا في الحكومة اليونانية التي تفاجأت بحجم الخسائر المالية التي تكبدتها؛ وما زالت تتكبدها برغم الأزمة الاقتصادية التي عصفت بقطاعها المصرفي وأقحمتها في دوامة الإفلاس.

لم تعد الحكومة اليونانية قادرة على مواصلة الإنفاق وتوفير الرعاية الطبية لمرضى التدخين الذين يكبدون الحكومة ما يقرب من 3.3 مليار يورو سنويا؛ أي ما يعادل 1.5 من الناتج المحلي.

تكلفة الرعاية الصحية؛ ومعالجة الأمراض المرتبطة بالتدخين دفعت الحكومة لفرض مزيد من الضرائب على السجائر والقوانين الصارمة للحد من التدخين في الأماكن العامة والمغلقة؛ وهو ما ساعد في خفض نسبة المدخنين بشكل لافت.

الأوضاع الاقتصادية ربما أثرت في المدخنين وجعلتهم أكثر إذعانا لبرامج المكافحة الصارمة. 

تؤكد الدراسات الحديثة أن رفع أسعار التبغ يسهم في منع القصر والشباب من شراء السجائر؛ كما أنه يردع المدخنين المُقلعين من العودة إليه.

وأشارت إحدى الدراسات المتخصصة أن رفع أسعار السجائر بنسبة 10 في المائة يمكن أن يسهم في خفض الاستهلاك العام بنسبة تتراوح بين 2.5 و5 في المئة؛ وأن تأثيرها الأكبر يقع على متدني الدخل من المدخنين؛ وفي مقدمهم الأطفال. 

تُمثِل «التكلفة المالية» المتغير الأكثر أهمية وتأثيرا في برامج مكافحة التدخين؛ وعلى الرغم من أهميتها الواضحة؛ ونتائجها المُثبتة عالميا؛ تبقى بعيدة عن خيارات حكومات دول الخليج الرامية للحد من التدخين وتجارته في المنطقة.

رفع الجمارك على منتجات التبغ بنسبة 100 في المائة يؤدي إلى رفع أسعار السجائر؛ المؤثر الأكبر في برامج مكافحة التدخين؛ ويحقق للحكومات الخليجية دخلا جيدا يمكن أن تستثمره في برامجها الصحية؛ وإنشاء المستشفيات المتخصصة؛ والإنفاق على برامج التوعية وجمعيات مكافحة التدخين. 

برغم المخاطر المرتفعة؛ وبرامج التوعية؛ وقوانين الحد من التدخين في الأماكن العامة؛ ما زالت نسبة المدخنين خليجيا في ازدياد؛ وأعدادهم بين القصر والمراهقين تنمو بشكل كبير.

الانتقال من برامج التوعية والقوانين الناعمة إلى المؤثرات القاسية بات أمرا ضروريا لحماية المجتمع من آفة التدخين.

رفع رسوم الجمارك بنسبة 100 في المائة على منتجات التبغ خليجيا هو القرار الواجب تطبيقه دون تلكؤ إذا ما أردنا خفض عدد المدخنين؛ وحماية القصر والمراهقين مافيا التدخين العالمية.

نقلا عن جريدة الجزيرة