علينا أن نحسن استغلال مزايا الوطن واستخدامها لتنمية مواردنا وتوظيف مواطنينا، ومنافسة أقراننا وضمان مستقبل أجيالنا.
المملكة ليست الدولة الوحيدة في العالم المحصنة ضد التحديات، ولسنا الشعب الوحيد المعصوم من الأخطاء. في عالمنا اليوم، لا توجد دولة وحيدة خالية من العيوب.
هنالك دول ترزح تحت وطأة الفقر والبطالة والمرض وأخرى تفتقر إلى الأمن والمال والطاقة، وهنالك دول تعاني من حدة التغير المناخي وتراجع إنتاجها الزراعي، وأخرى تفتقر للمواد الأولية وتدهور صناعتها الوطنية وتراجع صادراتها وتجارتها الخارجية.
الفارق الوحيد بين هذه الدول يعود إلى قدرة بعضها على الاعتراف بمشاكلها وعيوبها وتحدياتها، لتبدأ فعلا في إصلاح أنظمتها وتعديل سياساتها وتطوير أهدافها وبناء قدراتها وتذليل عقباتها.
إذا اعترفت مؤسساتنا بتقصيرها في حق مواطنيها وتراجع مراكزها بين أقرانها، استطاعت أن تنجح في حل مشاكلها المزمنة وتطوير ذاتها. وإذا حددت وزاراتنا مشاكلها واعترفت بنقاط ضعفها ومكامن إخفاقاتها؛ استطاعت أن تنجح في اختيار أولوياتها وتنفيذ مهامها وإصدار قراراتها وتحقيق نتائج أهدافها.
في قريتنا الكونية نوعان من الدول: النوع الأول يستغل مزاياه التنافسية في إنتاج المواد الأولية فقط مثل النفط والغاز، والتي تعتمد على تفوقه المطلق في تكاليف إنتاجها لتصبح قادرة على منافسة المواد المماثلة في الدول الأخرى.
والنوع الثاني يستغل مزاياه النسبية من خلال تسخير التقنية ورؤوس الأموال والكفاءة العمالية لتصنيع المنتجات بأقل التكاليف وأفضل المواصفات لتتفوق على غيرها من المنتجات الصناعية في الأسواق العالمية.
في العقد الماضي استغلت الدول الصناعية الناشئة نظرية التجارة المتكاملة، بحيث أضافت لمقومات التجارة المتعارف عليها مقدار تدفق الاستثمارات الأجنبية في أسواقها المحلية ونسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي في هذه الدول.
وتمنح هذه النظرية الفرصة المثلى للتعرف على المعادلة الحرجة لصادرات الدول التي تحقق في نهاية المطاف الدخل الوطني الصافي لاقتصادياتها.
لذا تسعى الدول التي تفتقر للمزايا التنافسية من مواد أولية إلى تقليص الأثر السلبي لهذه المعادلة الحرجة عن طريق التفوق في مزاياها النسبية من خلال توفير التقنية والكفاءة العمالية ورؤوس الأموال.
السعودية تمتلك العديد من المزايا النسبية والتنافسية معا، التي تضعها في مقدمة دول العالم بمختلف المجالات، وعلينا استغلالها والاستفادة منها لنخرج من دائرة الأخطاء الشائعة ونواجه تحدياتنا المزمنة ونتجه لتعديل مسارات خططنا الوطنية وتوجيه قدراتنا الذاتية.
في الوقت الذي تتمتع به المملكة بموقعها الاستراتيجي الوسطي بين قارات أوروبا وأفريقيا وآسيا، تمثل مساحتها 80% من مساحة الجزيرة العربية، لتحتل المرتبة 12 بين أكبر دول العالم مساحةً والمركز 46 في عدد السكان.
وإلى جانب امتلاك السعودية على 26% من مخزون النفط العالمي واحتلالها المرتبة 4 في أكبر احتياطي للغاز في العالم، فإن المملكة تقوم بتوفير مواردها الطبيعية وموادها الخام للمستثمرين بمزايا سعرية تنافسية ليسهل الوصول إليها واستغلالها كعامل أساسي في عمليات التصنيع والتنمية الصناعية.
لذا استمر القطاع الصناعي السعودي في الازدهار والنمو المتسارع، ليصبح الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويحتل المرتبة 14 عالميا.
في العام الماضي احتلت المملكة المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط والمرتبة 8 على مستوى العالم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية، نظرا لمناخها الاقتصادي المتجدد واستقرارها السياسي المميز.
بعد انضمامها لمنظمة التجارة العالمية، استمرت المملكة في توفير محفزات اقتصاد السوق وتعاملات سياساتها التجارية، فاحتلت المرتبة 6 في المزايا الضريبية التشجيعية على مستوى العالم، وحصدت ما قيمته 147 مليار دولار أميركي من هذه الاستثمارات.
وأصبحت السعودية تتربع على أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتحتل المرتبة 23 عالميا في السوق الاستهلاكي والمرتبة 12 في الصادرات والمركز 16 في الواردات.
المملكة تمتلك أيضا أكبر مخزون من المعادن في منطقة الشرق الأوسط، حيث تعتبر منطقة الدرع العربي غرب المملكة مصدرا رئيسا للمعادن الثمينة كالذهب والفضة والنحاس والزنك والكروميوم والمنغنيز والتنجستن والرصاص والقصدير والألمنيوم والحديد.
وتمتاز المنطقة الشرقية بوفرة التكوينات الرسوبية التي تحتوي على معادن صناعية مثل الجبس والكبريت ورمال السيليكا والأملاح. كما تتميز المنطقة الشمالية بوجود كميات ضخمة من الفوسفات والبوكسايت والعناصر النادرة ذات القيمة العالية، مثل النيوبيوم والتنتالوم الذي تمتلك المملكة 25% من مخزونه العالمي.
في مواردنا البشرية، تحتل المملكة المرتبة 6 في سوق العمل الحر والمركز 7 في معدل الإنفاق على التعليم، حيث من المتوقع أن يصل عدد الخريجين في 2020 إلى 134 ألفا في المجالات الصناعية الجامعية و450 ألفا في المجالات المهنية، وذلك من خلال 24 جامعة حكومية و8 جامعات خاصة و20 كلية متخصصة إلى جانب 80 كلية مهنية.
لا يكفي أن نفتخر بمزايا الوطن، بل علينا أن نحسن استغلالها واستخدامها واستمرارها لتنمية مواردنا وتوظيف مواطنينا ومنافسة أقراننا وضمان مستقبل أجيالنا. وعلينا تطبيق أحدث الأساليب الإدارية لمواجهة التحديات وتذليل العقبات وتحييد موجات الإحباط التي تعتري مجتمعاتنا.
كما علينا الاعتراف بأخطائنا وتحديد نقاط القوة والضعف في خططنا لمواجهة التهديدات التي تحاول القضاء على بيئتنا التنافسية ومواصلة البحث عن أفضل الوسائل لتنمية مزايانا النسبية وتوظيف قدراتنا الوطنية وطاقاتنا البشرية لتأمين النجاح لمؤسساتنا الاقتصادية.
ولكي لا تتبخر مزايانا التنافسية من نفط ومعادن وغاز، علينا أن نتوقف عن كيل المهاترات ونبدأ بتحييد السلبيات ونبذ الخلافات.
استغلال مزايا الوطن يبدأ بوضع الأهداف المحددة بمقاييس واقعية وتطبيق الاستراتيجيات الموثقة بنتائج ملموسة.
نقلا عن جريدة الوطن
كلآم كبير لكن مجرد كلآم والفعل شان
كلام جميل ومنطقي ...بس وين اللي يطبق هالكلام ؟
من اين لنا ان نفتخر ونحن نعيش كل يوم سرقه بدون معاقبة السارق وزياده عدد الفقراء يوميا في بلدنا