أنخفض الذهب خلال الأسبوع الماضي بنسب تاريخية لم يشهد لها ملك المعادن على مر الزمان مثيلا، حيث وصلت نسبة الانخفاض إلى 100 دولار في اليوم الواحد حتى وصل إلى 1321 دولار للاونصة بعد أن وصل إلى سعر تاريخي 1920 دولار للاونصة في سبتمبر من عاد 2011، وهو نسق تاريخي للذهب من ناحية كمية الارتفاع ومن ثم كمية الانخفاض..
حيث تكررت اليوم سيناريو عام 1980 حين وصل الذهب حينها إلى رقم تاريخي وهو 850 دولار للأونصة ومن ثم شهد انخفاض مفاجئ يعادل نفس نسبة الانخفاض اليوم، وكما هي النظرية الاقتصادية فأن التاريخ يعيد نفسه حينما يكون الحديث عن أسعار السلع.
و لعل السؤال الأهم هو في قراءة أسباب هذا النزول الذي اختلفت فيه الروايات، حيث ذهب بعض المحليين إلى أن إشارة للتعافي من الأزمة و تحول رؤوس الأموال من الأصول ذات القيمة الاقتصادية الأعلى أمانا إلى السلع ذات الربحية الأعلى و هي تحديدا في الأسهم و السندات، وهي قراءة تحتاج إلى مزيد من الوقت لإثباتها و مدى انعكاسها على كمية الأموال التي يستقطبها سوق الأسهم و السندات حول العالم خصوصا و أن الدول الأكبر في احتياطي الذهب مازالت تحتفظ بكمياتها بالرغم من أزمتها الاقتصادية الخانقة، الحديث هنا عن الولايات المتحدة الأمريكية.
و القراءة الأخرى والتي أعتقد أنها تحاكي الواقع بشكل أكبر هي في أن الأزمة الاقتصادية وتحديدا الأوربية وما تبع ذلك من إفلاس و شبة إفلاس للعديد من الاقتصاديات، حيث بدأت دول مثل اسبانيا في بيع بعض احتياطيها من الذهب خلال العشر سنوات الماضية لسد العجز في ميزانياتها، وهو تحرك لم يؤثر سلبا في أسعار المعدن النفيس، وقد تكون اسبانيا ودول أخرى قامت بالمضاربة بشكل مباشر أو غير مباشر في أسعار الذهب خلال السنوات القليلة الماضية لتحقيق مكاسب أعلى.
واليوم فأن هناك رابط زمني مهم في انخفاض الأسعار، وهو أزمة قبرص المالية وقد يكون جزء من الصفقة الأوربية لإنقاذ قبرص هو في التمويل الذاتي من خلال بيعها لبعض مخزونها من الذهب بما يغطي مستوى معين من الضائقة المالية لديها سواء كان التخلص في المضاربة المباشرة وتحقيق هوامش ربح محددة بالاستفادة من الأسعار التاريخية للذهب والعودة لشرائها مرة أخرى بأسعار أقل، أو بالتخلص منها والاستفادة من النقد في تحسين قوائمها المالية.
أي كانت القراءات فإن المعادلة تحمل لنا مستفيد من العمليات الاقتصادية ذات المستوى الدولي خصوصا في معدن يمثل أفضل قيمة اقتصادية على الإطلاق، وأعتقد أن المرحلة المقبلة ستشهد تغيرات أخرى على مستوى الأسعار بشكل كبير.
نقلا عن جريدة الجزيرة