العراق ليست فقط هي إحدى الدول الأساسية الخمس (المملكة، فنزويلا، ايران، العراق، الكويت) المؤسّسة لمنظمة الاقطار المصدرة للبترول (أوبك)، بل أيضاً من عاصمتها على ضفاف دجلة بغداد (مدينة الرشيد والحجّاج ومسرور السيّاف وليالي الف ليلة وليلة) انطلق أوّل إعلان لتأسيس أوبك عام 1960 لتكون أوّل ثورة تقوم بها حكومات الدول المستضعفة على طغيان شركات البترول العالمية.
بتاريخ 2 أبريل 2013 (قبل أسبوعين) صدر تقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية EIA عن تحليل الطاقة في العراق مستفتحاً بالعبارات التالية: العراق لديها خامس (بعد المملكة، فنزويلا، كندا، ايران) احتياطي بترول في العالم،وتجاوزت ايران كثاني أكبر منتج للبترول في أوبك بنهاية عام 2012.
القليل فقط من حقول بترول العراق تم تطويرها وتعتبر العراق من أكثر الأماكن القليلة في العالم التي حتى الآن تركت معظم مواردها الهايدروكربونية من غير أن يتم استغلالها بالكامل.
يستطرد التقرير قائلاً: رغم أن العراق لديها احتياطيات مؤكدة ضخمة من البترول إلا أن إنتاجها بقي أقل كثيراً من الطموحات المستهدفة بسبب الخلافات السياسية.
لقد قفز تقدير احتياطي العراق المؤكد من 115 مليار برميل عام 2011 إلى 141 مليار برميل عام 2013. وتتركز معظم احتياطيات بترول العراق في الجنوب منطقة الطائفة الشيعية وفي الشمال منطقة الطائفة الكردية بينما لم يتبقَ إلا القليل تحت سيطرة الأقلية السنيّة في الوسط.
لقد بلغ إنتاج العراق 3 ملايين برميل في اليوم عام 2012 معظمه يأتي من ثلاثة حقول فقط هي حقل كركوك وحقلي شمال وجنوب الرميلة.
مابين الأعوام 2008 – 2010 وقّعت وزارة البترول العراقية عدة عقود مع شركات البترول العالمية لوضع خطة طموحة لرفع طاقة إنتاج البترول العراقي إلى 12 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2017 ولكن لم يلبث الأمر طويلاً حتى تم تخفيض هذا الهدف إلى 9.5 ملايين برميل في اليوم ثم أيضاً تبين أن حتى هذا الهدف لن تتمكن العراق من تحقيقه.
سنترك التقرير ونبدي بعض الملاحظات. يلاحظ أن التقرير يعتبر احتياطي بترول كندا (وهو غير تقليدي) أكبر من احتياطي بترول العراق (المعروف بأنه بترول تقليدي) هذا الخلط بين أنواع البترول الذي أصبح شائعاً في الوسط البترولي هو دليل واضح على أن البترول التقليدي من نوع احتياطيات البترول المكتشفة قبل عام 2000 (نهاية القرن الماضي) قد بلغت الآن الذروة وبدأ إنتاجها في التناقص ولايوجد احتمال لاكتشافات جديدة منه في العالم ولذا بدأ العالم ينتقل مضطراً تدريجياً إلى تطوير البترول غير التقليدي (الذي كان معروفاً حتى قبل البترول التقليدي) ولكن صعوبة وارتفاع تكاليف إنتاجه ناهيك عن أضراره التي حتى هذه اللحظة لم يستطع الإنسان تقديرها جعلت الإنسان يصرف عنه النظر ويؤجل استغلاله إلى الوقت الذي تضطره الحاجة الملحة حيث لا يوجد بديل للبترول.
لقد لعب الخيال دوره في تقديرات بترول العراق فزعمت الأسطورة أن منابع بترول الخليج (شماله وجنوبه وشرقه وغربه) وبترول بحر قزوين وروسيا تنبع (تتسرّب) جميعها من سرداب كربلاء وسط العراق وأنه يجب على العراق أن يزيد إنتاجه من البترول حتى تجف حقول البترول خارج العراق ويحتكر العراق وحده جميع حقول بترول العالم.
موضوع زاوية السبت القادم – ان شاء الله – بعنوان: صندوق الأجيال القادمة (مثال لقصر النظر).
د. انور, حتى لو استبعدنا الإضطراب الأمني و السياسي في العراق فهناك مصاعب لوجستية تحد من قدرة العراق على زيادة طاقته الإنتاجية.