قد يبدو الأمر بسيطاً، ولكن معرفة ما إذا كان مدير الصندوق قد أدى عمله على الوجه الأكمل فإنها عملية قد تكون صعبة على الغالبية في أسواق الأسهم. إذ من الصعب تحديد ما الجيد أو الممتاز أو الأمثل في هذه الحياة، لأن كل شيء في نهاية المطاف نسبي. السعادة، الجمال، النجاح، الصحة كلها نسبية وتعتمد على نقطة مرجعية للمقارنة. فمثلاً مهنة الطب مهنة ممتازة جداً ولكن هذا الامتياز ليس مطلقاً بل نسبي أيضا.
فلو أن هذا الطبيب أراد بناء منزل فإنه سيحتاج إلى مهندس محترف، ومن هنا يتضح أن امتيازه السابق نسبي وليس مطلقا في جميع الأمور. هذه النسبية متمركزة في حياتنا بشكل عميق وواسع، وليس على الشخص إلا التأمل ليجد تطبيقات "النسبية" متأصلة في شتى مجالات الحياة، بدءاً من علم الفيزياء إلى أسواق الأسهم بما فيها صناديق الاستثمار موضوع هذه المقالة.
نجد في أسواق الأسهم - على سبيل المثال - أن نظرية النسبية جلية للعيان. فلو أن شخصا ما حقق عائدا لنقل 5 في المائة في عام 2005، فإن هذا العائد يعد عائداً سيئاً قياساً على عائد السوق الذي فاق 100 في المائة في نهاية ذلك العام. ولكن بعد انهيار فقاعة 2006 سنجد أن هذا العائد السيئ تحول إلى عائد ممتاز، بل أصبح يفوق أحلام المتعاملين في أسواق المال مقارنة بخسارة المؤشر أو السوق التي تجاوزت - 50 في المائة.
إذاً توجد نقطة مهمة جداً يجب أن تتضح، وهي أن العائد في سوق الأسهم ينقسم إلى نوعين؛ النوع الأول،العائد المطلق ممثلاً في 5 في المائة كما في مثالنا السابق أعلاه. والنوع الثاني، العائد النسبي وهو الفرق بين أداء السوق وأداء الصندوق الاستثماري المتمثل في - 95 في المائة في المثال السابق أعلاه.
ذلك أن العائد النسبي البالغ 5 في المائة أثناء صعود السوق، كان عائداً سيئاً وغير مرغوب فيه مقارنة بـ 100 في المائة المتحققة للسوق. ومن هنا يتضح أن 5 في المائة أو - 50 في المائة وحدها منفصلة هكذا لا تعني في حقيقتها شيئاً. إذ يجب أن ننظر إليها مقارنة بمقياسٍ يناسبها، حسب أنواع تلك الصناديق الاستثمارية والأسواق التي تعمل فيها.
فصناديق الأسهم على سبيل المثال تهدف إلى تحقيق عائد نسبي يفوق أداء المؤشر الإرشادي لذلك الصندوق،وليس مجرد تحقيق عائد مطلق. في حين نلاحظ أن الاستثمار في الودائع مثلاً على العكس يهدف إلى تحقيق عائد مطلق وليس نسبيا.
ولو عدنا وقيمنا أداء صناديق الأسهم السعودية مثلاً بعد انهيار السوق المحلية، لوجدنا أنه يوجد عدد من الصناديق ولا أقول كلها، تمكنت من تحقيق عائد نسبي ممتاز. فمثلا صندوق الأسهم السعودية لأحد البنوك المحلية حقق خسارة - 40 في المائة مقارنة بخسارة السوق بنحو - 52 في المائة (يعادل 12 في المائة كعائد نسبي). و- 40 في المائة كعائد مطلق.
يتضح من هنا أن مدير الصندوق أدى عمله على الوجه الأكمل، بناءً على هدف الصندوق المعلن مسبقاً وهو تحقيق عائد نسبي. حيث إنه تمكن من تحقيق عائد نسبي أفضل من السوق. وهذا أداء جيد ولكنه بالنسبة لشخص آخر قد يكون سيئاً. وهذا حقيقة كله يعتمد على هدفنا الاستثماري أولاً ومفهوم العائد الذي ننظر إليه ثانياً وأخيراً هدف الصندوق.
فلو أن هدف الصندوق تحقيق عائد نسبي لا ينبغي الحكم على الصندوق بأنه سيئ في حالة تحقيق خسائر كما هو الحال في المثال السابق، بل يجب النظر إلى أدائه النسبي، ومن ثم نصدر حكمنا. هناك أيضاً صناديق حققت عوائد إيجابية في عام 2006 ولكنها نسبياً قبل انهيار السوق لم تحقق عوائد ممتازة مقارنة بالعوائد الفلكية أيام الفقاعة. اذا المشكله لاتكمن في الصندوق او مدير الصندوق المشكله تكمن في ان المستثمرين لهم اهداف مختلفه في حاله صعود السوق وانخفاضه.
من هنا يتضح أنه لكي نقيم مديري الصناديق يجب أن ننظر إلى الموضوع بنظرة شمولية أكثر ولا نطلب المستحيل. حيث إنه من خلال المثال الذي ذكرته في أول المقالة يستحيل تحقيق النجاح المطلق في الحياة بصورةٍ عامّة، وفي عالم الاستثمار بصورةٍ تخصنا هنا أكثر. إذ يجب أن يحدد الشخص هدفه الاستثماري أولا قبل الشروع في أي قرار، ليتسنى له قياس ومعرفة مدى نجاحه في تحقيق ذلك الهدف من عدمه.
ايضا موضوع ال risk او نسبة المخاطرة عامل اساسي. حتى لو كان الاداء افضل من المؤشر بكثير, لا يعني ذلك الكثير ان كانت المخاطرة (بيتا الخ) عالية. فلا بد من طلب بيانات المخاطرة من الصندوق لنتمكن من المقارنة بدقة وبشكل صحيح.
المشكلة انه ما فيه شفافية ولا مراقبة لعمل هذه الصناديق والدليل, بعد انفجار الفقاعة كل الصناديق الاستثمارية خسرانة وفي المقابل البنوك ربحانة شلون .. ما تدري