مصرف الراجحي غير ملزم بسداد قيمة الصكوك

20/11/2022 15
د. فهد الحويماني

خاصية عدم إلزامية سداد أصل القرض، في هذه الحالة صكوك مصرف الراجحي، تحسب لمصلحة مصرف الراجحي وتدل على مدى الثقة التي يتمتع بها المصرف، كون إصدار صكوك أو سندات ليس لها تاريخ استحقاق يعد من الأمور نادرة الحدوث، وقليل من جهات الإصدار لديها القدرة الائتمانية للقيام بذلك.

وعندما يمنح المصرف نفسه الحق باسترداد السندات متى شاء، بمجرد إبلاغ حملة السندات خلال أسبوع أو أسبوعين قبل قيامه بذلك، فتلك ميزة إضافية يتمتع بها مصرف الراجحي عن غيره.

وقد سبق للمصرف أن طرح صكوكا غير ملزمة السداد مطلع هذا العام لكن العملية تمت بطرح خاص غير موجه للأفراد، وعندما تبينت شدة الإقبال على هذا النوع من أدوات الدين، قرر المصرف التوسع في هذه الآلية وإتاحتها أمام شرائح أكبر من المستثمرين.

وبالفعل تم الطرح وكان المستهدف جمع أربعة مليارات ريال إلا أن المصرف قرر جمع عشرة مليارات ريال، وهذا ما تم بالفعل حيث تجاوز عدد المشتركين 125 ألف مستثمر من الأفراد والشركات والمؤسسات المالية والجمعيات الخيرية وصناديق الاستثمار وغيرهم.

أما سبب حاجة المصرف إلى إصدار هذه الصكوك فتعود إلى حاجة المصرف للمحافظة على معيار كفاية رأس المال لديه، التزاما بضوابط البنك المركزي السعودي وتماشيا مع اتفاقية بازل الثالثة المنظمة لكفاية رأس المال لدى المؤسسات المالية.

ويبدو أن المصرف ليس لديه خيارات أخرى لرفع مستوى الأصول المصنفة ضمن الشريحة الأولى من رأس المال عدا الاقتراض بهذه الطريقة.

ولو كانت الصكوك مصدرة بتاريخ استحقاق لما أمكن اعتبارها من ضمن رأس المال، بل لأصبحت ديونا طويلة الأجل لا يستفاد منها في دعم الشريحة الأولى من رأس المال.

لذا، فإن الصكوك الدائمة، أي تلك التي بلا تاريخ استحقاق، تعامل تماما كحقوق الملكية، لأنها شبيهة بالأسهم، التي بالطبع ليس لها تاريخ استحقاق، وفي الوقت نفسه هي شبيهة بأدوات الدين نتيجة كونها تمنح عائدا دوريا ثابتا.

لمزيد من التوضيح، متانة الشريحة الأولى من رأس المال مهمة للمصرف لأنها تدخل في حساب كفاية رأس المال وفي حساب معدل الشريحة الأولى لرأس المال.

على سبيل المثال، عندما يقوم البنك بإجراء عمليات إقراض لعملائه، فإن القروض التي يقدمها تدخل ضمن أصول البنك وتقيم درجة المخاطرة المتعلقة بها بحسب العميل وجودة القرض.

التغير في درجة المخاطرة هذه يؤثر في جودة الأصول، وبالتالي يؤثر في معدل الشريحة الأولى من رأس المال، الذي يحسب بقسمة رأس المال على الأصول.

ولكي يستطيع البنك زيادة الإقراض يجب عليه أن يرفع من معدل الشريحة الأولى.

لذا، كلما زاد حجم القروض الممنوحة للعملاء أو ارتفعت مخاطرها يتوجب على البنك دعم رأسماله، إما بطرح أسهم إضافية وإما بالاقتراض بتلك الطريقة التي قام بها مصرف الراجحي.

بالنسبة إلى المستثمرين في الصكوك التي لا يوجد فيها موعد لاسترجاع رأس المال، بعكس الصكوك العادية، فلا توجد وسيلة لاسترجاع رأس المال إلا من خلال بيع الصكوك من خلال السوق المالية "تداول"، ما يعني أن على المستثمرين معرفة طريقة بيع الصكوك وشرائها.

من المهم الإشارة إلى أن أحد أهم أسباب نجاح طرح صكوك الراجحي هو أن العملية تمت بطريقة ميسرة على العملاء، دون الحاجة إلى التعامل بسوق السندات، وهذا بالطبع إلى جانب قوة الحملة التسويقية التي قام بها المصرف وحسن سمعة المصرف وثقة العملاء به.

المشكلة التي ستواجه المستثمرين في الصكوك هي أن سيولة سوق الصكوك والسندات لا تزال ضعيفة، ما يعني أن هناك سيكون فارق كبير بين سعري الطلب والعرض، والأهم من ذلك أنه بحكم عدم وجود موعد لاستعادة رأس المال وفي حال ارتفاع أسعار الفائدة في الأشهر والأعوام المقبلة، فإن سعر الصكوك سينخفض، ما يعني أنه حتى إن استطاع المستثمر بيع الصكوك فقد يبيعها بأقل من سعر الاكتتاب البالغ ألف ريال.

أما في حال انخفاض أسعار الفائدة لاحقا فسيرتفع سعر الصكوك، وهذا أمر جيد، إلا أن المصرف يملك الحق في استرداد الصكوك بسعر الاكتتاب، ما يعني - مع الأسف - عدم استفادة المستثمر من ارتفاع السعر.

يمكن لحملة هذا النوع من الصكوك اعتبار ما قاموا به من استثمار بمنزلة شراء أسهم لشركة قوية لديها توزيعات دورية ثابتة، لكن الفرق هنا أنه لا يمكنهم بيع أسهمهم بالسهولة نفسها المتاحة في سوق الأسهم، كما أنه يحق للشركة شراء الأسهم من المساهمين بدفع القيمة الاسمية للسهم وليس بدفع سعر السوق.

كذلك من المهم الإشارة إلى أن المصرف سيقوم بتعديل نسبة العائد على الصكوك كل خمسة أعوام، فبعد خمسة أعوام من الآن قد تزيد النسبة على 5.5 في المائة وقد تنقص بحسب مستويات الفائدة في ذلك الوقت.

ختاما، تجربة طرح الصكوك التي قام بها مصرف الراجحي ربما تكون الانطلاقة الحقيقية لسوق أدوات الدين لدينا في المملكة، وستكون فرصة للمتعاملين للتعرف على سوق الصكوك والسندات وطريقة الاستثمار والمضاربة بها.

وكما هو معروف، بدأ تداول الصكوك والسندات من خلال "تداول" في منتصف 2009، وهناك صكوك وسندات حكومية وأخرى للشركات، إلى جانب وجود صناديق استثمارية متخصصة بالاستثمار في هذه الوسائل.

 

نقلا عن الاقتصادية