من الصحيفة الى الوزير

25/03/2013 40
صالح الروضان

نشرت احدى الصحف الالكترونية خطابا موجه لوزير المالية عبارة عن اسئلة عديدة ومتنوعة , ولو كان الخطاب اعد من قبل كاتب يعبر عن رأيه لما شدني كما شدني كونه صدر من صحيفة ومصرح لها من وزارة الاعلام ومسئولة عن ما تكتب والذي قادني للبحث (فقط) بمحتواه من الناحية المالية والإدارية دون الخوض بالمسائل الاخرى.  

احتوى الخطاب على عدة جوانب ادارية ومالية شدني للبحث منها مايلي :

-استفسار عن نظام المنافسات الحكومية و وصفه بالمتخلف ولماذا لم يسعى الوزير بتغييره منذ توليه الوزارة لمدة 17 عاما ؟. وهذا منافي للحقيقة لان نظام المنافسات والمشتريات الحكومية صدر وصودق عليه بالمرسوم الملكي رقم (م/58) وتاريخ 4 رمضان 1427 هجري وصدرت اللائحة التنفيذية من الوزير بتاريخ 20 صفر 1428 للهجرة واشتملت هذه اللائحة على 155 مادة . يعنى انه حديث ولم يمضي 5 سنوات على تاريخ نفاذه.

-استفسر الخطاب عن تحصيل الزكاة وهي 2.5% على ثروات الاثرياء ورجال الاعمال السعوديين ويقول "حسب ما نسمع ويقال عن ثرواتهم" ان زكاتها تغني فقراء ومحتاجين البلد, وهذا دليل على عدم فهم القاعدة الشرعية والمحاسبية لوعاء الزكاة فالزكاة لا تحصل من الثروات فالثروة تحتوي على اجمالي ما يملكه الثري او رجل الاعمال او الشركة من اصول مقومة بسعر السوق اما الزكاة فلها وعاء شرعي ومحاسبي يختلف تماما عن اجمالي الثروة.

-استفسار عام عن الضرائب على الشركات الاجنبية دون ذكر أي معلومة او توثيق فهي مجرد عبارات عامة لا يمكن ان تكون محورا للنقد والتمحيص فمصلحة الزكاة هي المعنية عن تحصيل الزكاة والضرائب على دخل الشركات ويحكمها نظام واعفائات ضريبية وشروط وأحكام واضحة وتقوم المصلحة بتحصيل الضرائب والزكاة ولديها الخبراء الماليين وتصدر تقريرها كل عام ونظامها وأحكامها معلنة ومنشورة على موقعهم الرسمي بكل وضوح باللغة العربية واللغة الانجليزية.

-تساؤلات عن فائض الميزانية ولماذا لا تذهب الى رفاهية المواطن كمكافحة الفقر ومعالجة مشكلة السكن والضمان الاجتماعي . ومن يعرف قواعد اعداد الموازنة العامة للدولة فهي في الاصل تقدر بداية العام الجاري قبل الايرادات الحقيقية والفائض يتم حصره ومعرفته بدقه بعد نهاية العام كما ان الموازنة العامة مازالت تسدد كل عام جزء من الدين العام المتراكم من سنوات سابقة والميزانية المعدة للعام الحالي تم فيها اعتماد مخصصات ومبالغ معلنه للصرف على كل ما تم ذكره علاوة على تخصيص مبالغ من الفائض للمشاريع النقل والسكن وتوسعة الحرمين ونزع الملكيات وغيرها من الامور الغير مدرجة بالموازنة.

-اعتبر التقرير ان الوزير ابرز مسئول عن الفقر والبطالة ومشكلة السكن ومشاكل اجتماعية اخرى وهذا فيه خلط واضح بين مسؤوليات وزارة المالية و مهام الوزارات المعنية وهي وزارة الشئون الاجتماعية و وزارة العمل و وزارة الاسكان والتي تم رصد ميزانياتها حسب قواعد الموازنة المنظمة لتلك المهمة. فمثلا هل مشكلة الاسكان متعثرة بسبب وزارة المالية !

-تساءل الخطاب لماذا المشاريع التي تشرف عليها الوزارة متعثرة وتعطى لعدد محدود من الشركات ؟ دون ذكر أي ارقام او معلومات يمكن ان يعتمد عليها في هذا الجانب فما نعرفه ربما مخالفا لما ذكره الخطاب المشاريع التي اشرفت عليها الوزارة انجزت اسرع من مثيلاتها التي تحت اشراف الوزارات الاخرى.

-اخيرا سأل الخطاب الوزير عن تخفيض المساحة المقترحة للفلل السكنية ؟ فلنخرج من هذه الدائرة الى دائرة اكبر ونعيد التفكير فخلال السنوات الماضية هل واجهت وزارة الاسكان مشكلة في توفير الاراضي لمشروعات الاسكان الحكومية ! فكم مرة تشتكي من عدم توفير الاراضي لعل اخر تصريح للوزارة اشار الى ان لديها فقط ثلث المساحة المطلوبة لتوفير مشاريع الاسكان. حتى وان كانت مساحة الفلة اقل من اقتراح الوزير فالمواطن يريد سكنا يليق به و بأسرع وقت وليس مساحة ارض ليست على ارض الواقع.

خاتمة : ليت الخطاب اعد من خبير اقتصادي وجه كل قضية الى المسئول عنها بدلا من وزارة المالية وخلط الامور لكي يعرف المواطن ماذا يريد من وزارة المالية والوزارات المعنية وبكل تأكيد نحن نطمح للأفضل ولا نزكي وزارة من التقصير فالجميع من وزراء وموظفين مسئولين اولا امام الله ثم ولي الامر والمواطنين عن عملهم و وزارة المالية كأي وزارة اخرى لها مسئوليات ومهام محددة وكان لزاما على الصحيفة ان تناقش الوزير بما يخصه بدلا من خلط الامور وعدم دقة محتواى الخطاب.

اذا كان النظام حسب تصريح "نزاهة" يسائل من يمدح أي مسئول بما ليس فيه فمن باب اولى ان نتحرى الدقة في النقد لكي لا يتحول النقد الى تجني .. اللهم ارزقني الصدق بالقول والعمل.