امتلك رئيس هيئة رقابية اتحادية مرموقة الشجاعة الكافية وصارح إعلاميين التقاهم أخيراً، بأن ليس كل ما يعرفه يستطيع أن يقوله، حتى لو وُجهت إليه أسئلة في صلب الموضوع، وأنه في أحيان كثيرة يفتقد الإفصاح والشفافية التي ينادي الشركات المنضوية تحت رقابة هيئته بالتحلي بها وتطبيقها.
وبدت المبررات التي ساقها المسؤول المرموق منطقية للوهلة الأولى، خصوصاً عندما تحدث عن ضرورة المواءمة واختيار التوقيت الصحيح للكشف عن الأنباء والأحداث الجوهرية، وكذلك عند التكتم على الأخبار المؤثرة إلى حين إعلانها من مسؤول أكبر.
ولم ينسَ رئيس الهيئة أن يطلب من الإعلاميين الذين أخذوا عليه قلة تصريحاته وحواراته، تفهّم موقفه، مع وعد بمزيد من الشفافية كلما حانت الفرصة.
ويعلم المشتغلون في مهنة الإعلام أن هناك مسؤولين يهوون تسريب الأخبار، ولكنهم في الوقت نفسه يرفضون أن تنسب إليهم أو تنقل على ألسنتهم، وفي المقابل هناك من يحبون الظهور الإعلامي ويتفنون في ذلك ويرصدون لهذه الغاية موازنات معتبرة.
وبعيداً عن هذه النماذج المتباينة في تعاملها مع وسائل الإعلام، لا يستطيع منصف إلا القول إن الأوضاع تتحسن تدريجياً، خصوصاً في القطاع المالي، مقارنة بسنوات سابقة كانت المعلومات لا تتاح للكافة كما تقضي القوانين والقواعد، وتذهب أولاً إلى من يستغلها ويجني من ورائها الملايين على حساب صغار المساهمين في أسواق الأسهم.
ويستطيع المنصف الاعتراف بأن التوجه الجديد للمؤسسات الحكومية في استطلاع آراء المعنيين قبل إصدار النظم والقوانين والقرارات المؤثرة في توازنات ومسار الحياة الاقتصادية، خلق للمستثمرين مناخاً من الطمأنينة، على خلاف الحال في دول أخرى مجاورة.
والسؤال هل هذا يكفي؟
بالطبع لا، ليس فقط لأن رأس المال جبان، ومنبع الجبن في «البيزنس» الغموض وغياب المعلومات، فالإنسان عدو ما يجهله، ولكن لأن معايير الشفافية والإفصاح لم تعد ترفاً، ولكنها أصبحت حقاً وضرورة استثمارية.
إن ما دفع المسؤول إلى البوح باعترافه للإعلاميين هو إيمانه بأهمية الشفافية، رغم مبرراته لعدم ممارستها،وهذه خطوة أولى جيدة، ولكنها لم تعد كافية.
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع