وكالات التصنيف الائتماني...من يصنفها؟

30/01/2013 0
أحمد الخطيب

توالت في الفترة الأخيرة عمليات تخفيض التصنيف الائتماني للعديد من الدول والمؤسسات والهيئات الكبرى بدءا من الولايات المتحدة الأميركية وصولا إلى وضع معظم دول الاتحاد الأوروبي تحت المراقبة والمراجعة لإعادة تصنيفها. بالإضافة إلى الحديث عن إمكانية تخفيض تصنيف سندات صندوق الاستقرار الأوروبي الذي أنشيء أساسا لمساعدة الدول المتعثرة. كما لم يفت لبنان أي شيء من خلال تعديل النظرة المستقبلية إلى سلبية بسبب الأوضاع السياسية في المنطقة.

يعود الجدل حول التصنيفات والوكالات التي تقوم بها إلى فترة بداية الأزمة العالمية عام 2008، حيث صوبت سهام الاتهامات إلى تلك الوكالات بحجة عدم قيامها بما يلزم للتحذير من المخاطر قبل وقوع الأزمة عدا عن قيام بعضها برفع تصنيف شركات كبرى قبل وقت قصير من وقوع الأزمة التي أدت إلى انهيار بعض تلك الشركات، وقام البعض بمحاولة مقاضاة وكالات التصنيف دون الوصول إلى نتائج حتى الآن.

لم تقدم الوكالات والقائمون عليها أي إيضاحات أو تفسيرات أو أسس واضحة لعمليات التخفيض التي قامت ومازالت تقوم بها، كم لم نفهم المعايير التي تتبع في عمليات التقييم. فحاليا، يمكن لأي متابع، أو غير متابع،أن يعلم أن الدول الكبرى تواجه مرحلة اقتصادية صعبة جدا ولم تعد بالمستوى الذي كانت عليه سابقا. كما أن التخفيض من درجة إلى أخرى لم يكشف شيئا جديدا على الإطلاق. والسبب الرئيسي لذلك هو أن عمليات إعادة التقييم تتم بعد وقوع المشاكل والإعلان عنها، بينما المطلوب من التصنيف إعطاء نظرة مستقبلية عن مدى متانة الأوضاع المالية والاقتصادية في الدول أو الشركات المقيمة.

شخصيا، ما زلت أجد صعوبة في الربط بين الإجراءات القاسية التي تحاول بعض الدول القيام بها والتصنيف الحالي لتلك الدول. فالتصنيف الجديد بالرغم من خفضه، فإنه مازال مرتفعا حتى لو لم يكن الأعلى.

في اعتقادنا أن الوكالات تقوم حاليا بعمليات تعتبرها من وجهة نظرها كافية لحمايتها من المساءلة في حال اشتداد الأزمة الحالية أو وقوع أزمات جديدة كي لا تواجه ما واجهته  من لوم على مدى ثلاث سنوات، بينما هي في الواقع تزيد من الشكوك حول فعاليتها ومصداقيتها.

إن استمرار عدم الوضوح في عمليات التصنيف، وخصوصا في الفترة الحالية، من شأنه زيادة النظرة التشاؤمية عند المستثمرين والمعنيين. فإذا كان دور المصنفين بمثابة العنصر المحايد الذي يعطي نظرة اقتصادية حقيقية في فترة ما، فلا نعتقد أن أي تصنيف حالي يقدم نفسه بهذا الشكل ويتحول بالتالي إلى موضوع شكلي فقط.

من جهة أخرى، نشك بحيادية أي تقييم وعدم تدخل عوامل سياسية به عندما يتعلق الأمر بالدول وخاصة الكبرى منها. وفي جميع الأحوال، مطلوب من وكالات التصنيف أن تفسر بقاء دول بتصنيف مرتفع بعد تخفيض تصنيف أكبر اقتصاد في العالم والذي يرتبط باقتصادات جميع الدول تقريبا وهو اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية.

إن أكثر ما نخشاه في الفترة القادمة هو أن يؤثر أسلوب وكالات التصنيف الائتماني بشكل سلبي إضافي على الأزمة الراهنة بدلا من لعب دور معاكس. بينما يجب أن يكون الحل بإيجاد صيغة تحدد جدية ومصداقية أي جهة تقوم بعمليات تقييم وإعلان الآلية المتبعة للجميع. ولكن، مع علمنا باستحالة تطبيق ذلك، فإننا ندعو إلى البدء فورا بالبحث عن أساليب جديدة لعمليات التقييم تتلافى الأخطاء السابقة تمهيدا لإلغاء جميع وكالات التقييم التقليدية.