تنفيذ أمر الملك لتحقيق رؤية الأمير

29/01/2013 9
د. فواز العلمي

اليوم أصبح بإمكان قطاع الأعمال بمكة المكرمة تطوير أساطيل النقل السريع لرفع القدرات الاستيعابية لمنافذ منطقتهم الفريدة، والاستفادة القصوى من مرافقها الأساسية وفنادقها ومبانيها السكنية منذ 14 قرنا شرفنا الله برسول الهداية ودين الرحمة وقِبْلَة المسلمين، ليتطلع اليوم 1700 مليون مسلم حول العالم لزيارة البيت الحرام في مكة المكرمة ولو مرة واحدة في العمر. في العام الماضي صدر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز لتحقيق رؤية الأمير خالد الفيصل التنموية الشاملة والطموحة الهادفة لإعمار منطقة مكة المكرمة ومشاعرها المقدسة باستثمار يفوق 750 مليار ريال خلال 30 عاماً.

من خلال هذه الرؤية الثاقبة تحققت يوم الثلاثاء الماضي أحلام منطقة مكة المكرمة لدى تدشين أميرها لمبنى الغرفة التجارية الصناعية. ومن خلال هذه الرؤية الواضحة يتم اليوم تنفيذ مشاريع زيادة الطاقة الاستيعابية للحجاج والمعتمرين وتسهيل حركتهم، ليفوق عدد الفنادق الجديدة في منطقة مكة المكرمة بعد 7 أعوام 1200 فندق، منها مشاريع فورية تتجاوز قيمتها 18 مليار ريال خلال العامين المقبلين وتضيف 25000 غرفة فندقية إلى جانب الغرف المتاحة حالياً.

من خلال رؤية الأمير التنموية تم تدشين مشاريع البنية الأساسية المتواصلة لغاية عام 2040، بدءاً بتنفيذ مشروع جبل الكعبة الذي يقع على مساحة إجمالية تعادل 53 ألف متر مربع، ويحتوي على 6 أبراج سكنية بسعة 8500 غرفة فندقية، وبإجمالي استثمارات بلغت 10 مليارات ريال، ومروراً بإضافة 38 فندقاً لمشروع جبل عمر، تحتوي في مرحلتها الأولى على 13 ألف غرفة فندقية، وانتهاء بتنفيذ مشروع الشامية الذي يعتبر من أكبر المشاريع العقارية والإنشائية في العالم. ومن خلال هذه الرؤية الشاملة تم تخصيص 126 مليار ريال لمشاريع النقل السريع، ومنها مشروع قطار الحرمين، بطول 480 كيلومتراً، و4 محطات رئيسية لنقل الركاب والحجاج والمعتمرين بين منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة عبر محافظة جدة، والذي من المتوقع أن يحقق في مرحلته الأولى حجم نقل يفوق 3 ملايين راكب سنوياً، كما تم اعتماد برامج الخدمات الاجتماعية بتكلفة 255 مليار ريال، ومرافق البنى التحتية بنحو 47 مليار ريال ومشاريع الإسكان بحوالي 230 مليار ريال.

اليوم نتطلع أيضاً إلى مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة ليكون منافساً لمطار "أتلنتا" بولاية "جورجيا" الذي يرتاده 85 مليون مسافر سنوياً، ومطار "هيثرو" بمدينة "لندن" الذي يستقبل ويودع 10000 طائرة يومياً، ومطار "دبي" في الإمارات الذي يحتوي على 60 منفذاً لختم جوازات المسافرين على مدار الساعة.

اليوم نتطلع إلى ميناء جدة الإسلامي ليكون متساوياً مع ميناء "سينغافورة" الدولي الذي يتناول 28 مليون حاوية سنوياً، وموازياً لميناء "روتردام" بهولندا الذي تعبر مياهه 40% من كميات النفط العالمي شهرياً، وقادراً مثل ميناء "شنغهاي" بالصين على إنهاء كافة إجراءات تخليص البضائع وتسليمها لأصحابها في مدة أقصاها 24 ساعة.
اليوم نتطلع إلى تطوير مؤسساتنا المالية وتشجيعها على امتلاك 50% من إجمالي حصة المؤسسات المالية الإسلامية، التي فاق عددها 600 مؤسسة، وتعمل في أكثر من 75 بلداً حول العالم، وتزيد أصولها عن 1760 مليار دولار أميركي، خاصة أن المملكة تعتبر أكبر سوق عالمي في تداول هذه الأصول.

نحن اليوم نعيش عصراً مليئاً بالفرص والتحديات والمتغيرات، ولا توجد فرصة اقتصادية واحدة في العالم تشابه مزايا الاستفادة من مواسم الحج والعمرة، لكونها تنفرد بثبات معطياتها أمام كافة الفرص المتغيرة الأخرى. واليوم أصبح بإمكان خبراء منطقة مكة المكرمة البدء في دراسة وحصر المنتجات الحرفية والمقتنيات التذكارية والصناعات المساندة المطلوبة والمرغوبة في المناسك والمواسم، ودعمها بضخ رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية وتشجيعها على الاستثمار في إنتاجها وتسويقها أثناء أداء المناسك وتصديرها لكافة الدول الإسلامية أيضاً.

اليوم أصبح باستطاعة قطاع الأعمال في منطقة مكة المكرمة البدء في تخصيص المناطق الخدمية القريبة من مشارف منطقتهم للاستفادة من مستوى بنيتها التحتية وتشييد أفضل الخدمات الصحية والتعليمية والفنية، وتطوير أساطيل النقل السريع لرفع القدرات الاستيعابية لمنافذ منطقتهم الفريدة، والاستفادة القصوى من مرافقها الأساسية وفنادقها ومبانيها السكنية. واليوم أصبح بإمكان علماء منطقة مكة المكرمة البدء في إنشاء مراكز الأبحاث المتخصصة في كيفية الاستفادة من لحوم الأضاحي ومخلفاتها، لتصبح منطقتهم معقلاً لأفضل الصناعات الجلدية والطبية والمنتجات الغذائية المعلّبة، وتغدو محطةً لأكثر تقنيات العالم تقدماً في هذه المجالات.

جميع الدراسات الميدانية تؤكد على أن كل حاج أو معتمر ينفق 25% من إجمالي مصروفه على الإقامة والسكن و15% على النقل الجوي و14% على التغذية و12% على الملابس و10% على الوقود والمحروقات و7% على الاتصالات و6% على النقل البري والبحري و11% على الصحة والخدمات الأخرى. وجميع التقارير تؤكد على إمكانية استيعاب منطقة مكة المكرمة لأكثر من 5 ملايين حاج سنوياً و3 ملايين معتمر شهرياً، لتفوق نسبة إشغال فنادقنا 90% على مدار الساعة، وليرتفع إجمالي مصروفات ضيوفنا السنوية إلى 410 مليارات ريال، تعادل 40% من دخل المملكة النفطي السنوي وتمثل 50% من الميزانية السعودية للعام الجاري.

بأمر قائد مسيرتنا التنموية أصبح بإمكان أهالي منطقة مكة المكرمة تحقيق رؤية أميرنا خالد الفيصل ليتفوقوا بخدماتهم الإنسانية الجليلة على أقرانهم في تسهيل مناسك الحج والعمرة، ويحققوا بمستوياتهم الرفيعة أفضل المراتب العلمية والثقافية والاجتماعية والمالية والصحية والصناعية، ويجعلوا من منطقتهم مرجعاً حضارياً يستحق بجدارة تصنيف مرتبة العالم الأول.. لنسعَ معاً إلى تنفيذ أمر الملك عبدالله وتحقيق رؤية الأمير خالد الفيصل.