قبل أقل من عامين تم تحويل هيئة الإسكان لوزارة لتكون أكثر صلاحية ومقدرة على تنظيم سوق الإسكان وحل مشاكلها بعد أن زادت الفجوة بين العرض والطلب لصالح الأخير وانخفضت نسب تملك المواطنين للمساكن لمستويات مقلقة ترجحها كثير من الدراسات والإحصاءات لأقل من أربعين بالمائة وترافق الأمر الملكي بتأسيس الوزارة مع الأمر ببناء خمسمائة ألف وحدة سكنية تم تخصيص مائتين وخمسين مليار ريال لها موجودة بحساب الوزارة لدى مؤسسة النقد لسهولة الإنفاق عموماً وتم التوجيه بتخصيص الأراضي المطلوبة لإنشاء هذه الوحدات وأعطيت الوزارة صلاحية شراء الأراضي في حال عدم توفرها أي أن القرارات الملكية غطت كل الاحتياجات والاحتمالات لكي تتم الوزارة هذا العمل الجبار دون أي معوقات رئيسية ونقلت أيضاً تبعية صندوق التنمية العقاري للوزارة مما يعطيها مزيداً من الإمكانيات التي تساعدها في حل مشكلة السكن مع رفع لسقف القرض ليصل إلى خمسمائة ألف ريال من ثلاثمائة ألف سابقاً.
أي أن كل ما تحتاجه الوزارة للانطلاق بمهامها ومسؤولياتها لتنظيم وحل مشاكل السكن قد وضعت بين أيديها ولكن ما الذي تحقق إلى الآن بالنظر إلى ما تحتاجه الوزارة من وقت لتخطيط الوحدات وتوفير الأراضي تدريجياً فإن لديها العذر أن تأخذ وقتاً قد يمتد لعام كامل أو أكثر قليلاً لكن عندما ننظر للآليات المتبعة إلى الآن بالتنفيذ فإن ما تواجهه وستواجهه الوزارة لا أعتقد أنها ستحقق المطلوب بما يخص إنشاء الوحدات بوقت قياسي أو مناسب بالقياس مع وضع سوق السكن إلا أن الوزارة لديها مهام أوسع وهي الإشراف على سوق السكن وتنميته وتنظيمه.
فالوزارة كما يبدو غرقت بدرجة كبيرة في تنفيذ هذه الوحدات بطريقة تقليدية يشوبها كثير من البيروقراطية فهي من يتابع كل كبيرة وصغيرة بالمشروع الضخم وهي من يفاوض المقاولين والمشرفين الهندسيين ويراقب عملهم وهذا الأمر يتطلب جهازاً ضخماً وجيشاً من الموظفين وهي إلى الآن لم تبدأ بفتح فروع لها بكافة المناطق أي أن جل العمل يدار مركزيا من المقر الرئيسي.
أما عملية ترسية العقود فهي مسألة معقدة وتستنفذ جهدا كبيرا يضاف لها تأهيل المواقع وإيصال الخدمات لها وتطويرها فهذا المجهود الكبير لا بد أن يشكل عبئاً كبيراً على الوزارة ويعقد من آليات التنفيذ خصوصا أن الوزارة لم تضع إطاراً زمنياً واضحاً لتنفيذ الوحدات فلا يعرف هل ستنفذها في عام أو عشرة مما يترك الباب مفتوحا للاجتهادات حول احتياجات السوق وحجم الفجوة مما يؤثر على جوانب عديدة بالسوق جلها سلبي يصب في تغذية القناعة بأن الأسعار إلى ارتفاع أو أنها لن تنخفض.
وسابقا لم يكن لدى الوزارة أي نية معلنة للتعاون مع القطاع الخاص والمقصود شركات التطوير العقاري تحديداً إلا أنها صرحت مؤخراً بأنها ستتجه للتعاون مع القطاع الخاص ويعد ذلك تطوراً مهماً لأنه سيعينها على الإسراع بتنفيذ مشاريعها ويسهم بتطوير هذا النشاط الحيوي ويغذي الوزارة بالخبرات المطلوبة التي تفتقدها.
لكن إذا استمرت الوزارة بإغراق نفسها بالتفاصيل فإنها أيضا ستضع العراقيل من صنع يدها في كل جوانب عملها فرأي الوزارة بأن الإسكان المسبق الصنع لا يعطي الساكن القدرة على تعديل منزله يعد إغراقاً كبيراً بتفاصيل تناقض الواقع إذ إن طالبي السكن ينظرون لتملكه والإيواء المستقر به وليس إلى أي جانب آخر احتماليته أقرب للصفر بينما اعتماد هذا النوع من المباني سيوفر الكثير من الوقت والمال على الوزارة وسيقلص من الاحتياج للعمالة من قبل المقاولين ويوفر بمواد البناء فهو اتجاه عملي وإيجابي وما هذا إلا مثال على حالة التعقيدات التي تسير بها الوزارة في تنفيذ مشاريعها رغم أن الفكرة أولاً وأخيراً هي تأمين السكن بمواصفات عملية ومساحة مناسبة ولا شيء غيره.
ولكن الأهم بنظري هو أن تقوم الوزارة بعملية هيكلة لأعمالها التي من خلالها تستطيع التقدم بوتيرة أسرع نحو أهدافها ودورها المطلوب وإذا كان الصندوق العقاري ذراعها المالي حالياً الذي يحتاج إلى التحول لبنك عقاري يمارس أدواراً أوسع بطريقة الإقراض سواء للأفراد أو المستثمرين إلا أن الوزارة بحاجة لإنشاء شركة تقوم هي بإدارة تنفيذ المشاريع لتكون ذراعها الإنشائي الذي يمكنه إدارة العمل بيسر وسهولة ومقدرة أكبر من الوضع الحالي.
بينما تتفرغ الوزارة لمتابعة ومحاسبة هذه الأذرع والإشراف عليها دون إغراق نفسها بالتفاصيل مع الاتجاه لممارسة دورها الإشرافي على سوق الإسكان خصوصا أن منظومة الرهن والتمويل العقاري قد أنجزت وأقرت مما يعني أن الوزارة لديها كامل القدرة على النهوض بقطاع الإسكان مع ضرورة أخذ الدور بتبعية الترخيص لكل الشركات العاملة بمجال التطوير العقاري وخدماته تحت مسؤوليتها مما يعطي القطاع مرجعية أكثر قدرة على التفرغ لاستيعاب احتياجاته والانتقال به إلى مرحلة النضج مما يتيح الحفاظ عليه كقطاع يعد أحد أهم ركائز الاقتصاد الوطني ويسمح بجذب استثمارات واسعة له أكثر تنظيما بتدفقها ويوفر لها البيئة المناسبة للعمل والتوسع نظير توفر الجدوى والتنظيم والحماية له وكذلك ضمان حقوق المستفيدين.
وزارة الإسكان أمام تحد كبير ومسؤوليات أعظم وتحتاج إلى بناء رؤيتها والإعلان عن خطتها الإستراتيجية وجداولها الزمنية لكل أعمالها فالسوق كبير والاحتياجات ملحة وضخمة والأموال والدعم والبيئة التنظيمية كلها متوفرة.
رئيس الهيئة صار وزير ويحضر جلسات مجلس الوزراء.
يفترض من وزارة الإسكان بداية أعمالها في المدن الكبيرة أولاً لحاجتها الماسة ومن ثم المدن الأخرى
اخي محمد شكرا على مقالك الرائع وتفضل السبب في تعثر مشاريع الاسكان http://alphabeta.argaam.com/article/detail/90667/السكن--اين-المشكلة
شكرا لك استاذ صالح مقالك مهم ويدخل في توصيف صلب احد اهم الاشكاليات التي تواجه تنفيذ مشاريع الوزارة
الاسم فقط