واصلت السلع إظهار ضعفها في الأسبوع الثاني من عام 2013 على الرغم من ارتفاع أسواق الأسهم وانخفاض قيمة الدولار الأمريكي. عادة ما يكون المستثمرون في مثل هذا الوقت من السنة في مزاج إيجابي، لكن هذا الشعور –على الأقل حتى هذا الوقت- لم تشهده سوى الأسهم، مع ارتفاع في المخزونات العالمية إلى أعلى مستوى لها بلغته خلال 19 شهر. عاد الانتعاش الذي شهده الدولار الأمريكي خلال الأسبوع الأول من العام الحالي إلى التلاشى بسرعة فيما عادت قيمة اليورو إلى قمة مداها الحالي في مقابل الدولار؛ إلا أن هذا قد فشل إلى حد الآن في إعطاء السلع الدفعة الضرورية؛ وعلى الرغم من ذلك، فإن البيانات الاقتصادية الصينية قد ساعدت على دعم الأسعار، لأن الصادرات قد قفزت بنسبة 14 في المئة في ديسمبر، مما يؤكد احتمال حدوث انتعاش في الاقتصاد العالمي.
واصلت المعادن الثمينة انتعاشها المؤقت وسط ضعف الدولار نتيجة أخبار مفادها أن شهية الصين للذهب لا تزال قوية. في نفس الوقت، بقيت أسعار النفط عالقة بين عمليات الدعم المتأتية من البيانات الاقتصادية المتحسنة والسوق التي تشهد وفرة في المعروض أدت إلى خفض المملكة العربية السعودية إنتاجها في ديسمبر ليصل إلى أدنى مستوى بلغه خلال 19 شهر، وفقا لأحد المصادر. بالإضافة إلى ذلك، انخفضت واردات الولايات المتحدة من النفط إلى أدنى مستوى بلغته في 25 عام بسبب زيادة الإنتاج المحلي.
امتُص جزء من الإثارة التي سببتها بيانات التجارة الصينية بعض الشيء مؤخرا هذا الأسبوع عندما قفزت بيانات التضخم الصينية لشهر ديسمبر بأكثر مما كان متوقعا. ويمكن لارتفاع التضخم أن يقيد ويحد من قدرة الحكومة على فعل المزيد في عملية تحفيز النمو. وهذا من المحتمل أن يقلل من طلب البلد -الذي يشكل نسبة كبيرة من نمو الطلب على العديد من السلع بما فيها فول الصويا والنفط والنحاس- على المواد الخام.
أداء مدته أسبوع (%)
المصدر: بلومبرغ و ساكسو بنك للبحوث والاستراتيجية
الذهب يتلقي دعما من ضعف الدولار والطلب الفعلي
بعد التداول العصبي خلال الأسبوع الأول من هذا العام الذي شهد تجارة الذهب تهبط لتبلغ المستويات التي كانت عليها أواخر أغسطس من العام الماضي، قضى المعدن الأصفر الأسبوع الثاني في محاولة لاسترداد عافيته. كُسر في نهاية المطاف معدل حركة الـمئتي يوم البالغ 1662 دولار للأونصة والذي كان يبقيه لبضعة أيام؛ إلا أن عدم وجود أي زخم للمتابعة يشير إلى الحاجة إلى المزيد من عمليات مواصلة سعر الذهب التحرك ضمن النمط المحدد والمستويات التجارية قبل أن يُشْرَعَ في محاولة رفع سعره نحو نقطة المقاومة الحرجة البالغة 1710 دولار أمريكي للأونصة. بالقياس مع اليورو لا يزال الذهب يؤدي أداءا ضعيفا للغاية وقبل أن نرى ارتفاعا في الاتجاه الصعودي في هذا المنعطف، فإن المزيد من الارتفاع يبدو حاليا صعب المنال. ولكن في وقت كتابة هذا المقال لا يزال الذهب في طريقه لأول أسبوع إيجابي له بعد أطول أسبوع له من الهزائم المتتالية منذ عام 2004.
بما أن آثار السلبية لتقرير لجنة السوق المفتوحة الاتحادية عن الذهب في شهر ديسمبر قد بدأت في التلاشي، فإن الذهب قد تلقى بعض الدعم. جاء ذلك بوجه أخص من ضعف الدولار الأمريكي، ولكن أيضا من أنباء عن عمليات شراء فعلية متزايدة من الصين والهند، وهما أكبر مشتريي الذهب في العالم. من المتوقع أن يرتفع الطلب الصيني قبل السنة القمرية الجديدة في 10 فبراير بينما ارتفع الطلب الهندي فعلا مع تخزين التجار للذهب تحسبا لارتفاع متوقع في الضرائب على واردات الذهب، حيث أنه من المتوقع أن ترتفع الضرائب على واردات الذهب من أجل المساعدة على الحد من العجز التجاري للبلاد.
قسم مديرو الأموال عمليات الشراء الكثيرة للأوراق المالية خلال الربع الأخير وبالتالي بات لديهم مجالا واسعا لإعادة بناء تلك العمليات بمجرد أن يشعروا بأن الصورة التقنية و / أو الأساسية قد بدأت تتحسن. بقي مستثمرو المنتجات المتداولة في سوق المال أكثر مرونة وحددوا مقتنياتهم من الذهب بـ13 ألف طن فقط من إجمالي المقتنيات البالغة 2619 طن، وفقا لبلومبرغ. على الرغم من أننا لم نخرج من الغابة بعد من حيث المخاطر المتعلقة بالمزيد من ضعف الأسعار، فإن الاعتقاد السائد هو أننا سوف نشهد المزيد من الارتفاع المحتمل وخصوصا أن أسعار الفائدة الحقيقية بقيت سلبية، وعليه فإن توقعات التضخم في الولايات المتحدة قد ارتفعت منذ أواخر نوفمبر.
من الناحية الفنية، فإن المستويات التي علينا التنبه إليها هي في المقام الأول ما إذا كان الذهب سينجح في مواصلة التحرك ضمن النمط المحدد والمستويات التجارية فوق معدل حركة الـمئتي يوم البالغ 1662 دولار للأونصة. بعد هذا، سوف ينتقل الاهتمام والتركيز على المقاومة العالية البالغة في 2 يناير 1694.8 دولار للأونصة قبل المستوى الأهم البالغ 1710.7 دولار للأونصة والذي هو مزيج من خط الاتجاه من السعر العالي لشهر أكتوبر مع حركة السعر بعكس الاتّجاه السابق الذي يبلغ 50%.
يمكن أن نجد الدعم الحرج عند 1625 دولار للأونصة.
رسم بياني لحركة أسعار الذهب – المصدر بلومبرغ
النفط الخام يأمل في تصحيح محتمل
تراجع خام برنت بعد ثلاثة أشهر من الارتفاع هذا الأسبوع بعدما تحول التركيز من طلب المستثمرين الذي يحركه ارتفاع في أسواق الأسهم وبيئة ملائمة للاستثمار إلى أخبار مفادها أن المملكة العربية السعودية قد خفضت إنتاجها في ديسمبر بينما انخفضت واردات الولايات المتحدة إلى أدنى مستوى لها بلغته في 25 سنة. نتج عن انخفاض الإنتاج السعودي مستوى أعلى من الاحتياطي الذي يمكن استخدامه عند حدوث انقطاع في الامدادات في المستقبل في حين أن انخفاض واردات الولايات المتحدة من النفط يعني أن المزيد من النفط متوفرا في النظام العالمي لتلك البلدان، ولا سيما الاقتصادات الناشئة، حيث ينمو الطلب باستمرار.
عندما يرتفع التضخم في الصين بأكثر من المتوقع، فإنه يقلل من قدرة الحكومة على تعزيز النمو. ومع أن الصين باتت من المتوقع حاليا أن تمثل ما يقرب من نصف الزيادة هذا العام في نمو الطلب العالمي على النفط، فإن أي تغييرات تطرأ على هذه التوقعات سوف تثير سيناريو من زيادة العرض مما يؤدي في نهاية المطاف إلى انخفاض الأسعار.
حافظ مديرو الأموال على عمليات الشراء الكثيرة للأوراق المالية في 1 يناير لم يتم تجاوزها إلا في مارس من العام الماضي عندما سببت المخاوف بشأن تأثير العقوبات الإيرانية ارتفاع تجارة نفط خام برنت إلى ما فوق 123 دولار أمريكي للبرميل. مثل هذا الحجم من العمليات الشرائية المرتفعة في وقت تقل فيه احتمالات زيادة الأسعار من المحتمل أن يساعد في نهاية المطاف على حدوث انتكاسة في الأسعار. نتوقع أن يستمر نطاق التداول من 105 إلى 115 دولار للبرميل وهو النطاق السعري الذي ساد لبعض الوقت، ولكننا نرى أيضا خطرا على المدى القصير من تراجع السعر نحو الطرف الأدنى من النطاق السعري المذكور، وهي أخبار جيدة للمستهلكين على أساس الدولار لأن الدولار سيقع في نفس الوقت.
رسم بياني لحركة أسعار نفط خام برنت – المصدر بلومبرغ