روسيا والصين والاقتصاد العالمي

12/01/2013 3
أحمد الخطيب

بعد مفاوضات ونقاشات استمرت لأكثر من 18 عاما، صادق مجلس النواب الروسي على انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية في خطوة لها دلالاتها من حيث توقيتها نسبة للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تشهدها الدول الكبرى حول العالم.

يعتبر الاقتصاد الروسي حاليا والبالغ 1.9 تريليون دولار أكبر اقتصاد في العالم بين الدول غير الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، ولا يتوقع أن يكون لانضمام روسيا تأثير مباشر على حركة التجارة العالمية في الوقت الراهن نظرا لقلة المنتجات الروسية ذات الطلب العالي عالميا بينما سيكون له تأثير سلبي في البداية على روسيا بسبب تخفيض الكثير من الرسوم تماشيا مع متطلبات العضوية في المنظمة العالمية. وقد لعبت الأزمة العالمية منذ عام 2008 دورا رئيسيا في دفع روسيا أكثر نحو االانتهاء من المفاوضات والانضمام للمنظمة حيث اعتبرت روسيا أنه في خضم أزمة عالمية من النوع الذي نشهده حااليا فإنها يجب أن تكون متواجدة على طاولة صنع القرار.

تشكل فترات الأزمات الاقتصادية فرصة لبعض الدول لتحقيق مكاسب وامتيازات لا يمكنها الحصول عليها في الأوضاع الطبيعية نظرا لاستعداد الأطراف التي تواجه تحديات وصعوبات لتقديم تنازلات لا تقدمها عادة. وقد شهدنا مؤخرا الحديث عن دور صيني محتمل في الأزمة الأوروبية والذي دعا اليه البعض باعتباره حلا مساعدا للأزمة العالمية بينما في الأوضاع الطبيعية سيكون اّخر ما تفكر فيه أوروبا (وأميركا) هو دعوة الصين للمشاركة في صنع القرار الاقتصادي الأوروبي لما يترتب على ذلك من زيادة حجم التأثير الصيني على الاقتصاد العالمي وبالتالي تنامي النفوذ الصيني على جميع الصعد الاقتصادية وغير الاقتصادية. وبالعودة إلى روسيا التي تبحث منذ انهيار الاتحاد السوفييتي عن دور جديد مؤثر، فإن أهدافها بعيدة المدى تتخطى مجرد المشاركة في منظمة التجارة العالمية إلى تموضع جديد في أماكن صنع القرار مما يتيح لها لعب دور اقتصادي و سياسي بشكل أكثر مرونة وتأثيرا.

مما لا شك فيه أن النظام الاقتصادي العالمي الراهن أثبت فشله الذريع في حل أزماته أو حتى بوضع حدود لها تمنع من تفاقمها نحو المزيد من التدهور. فما نشهده حاليا لا يمكن وصفه إلا بالتخبط ومواجهة المزيد من الأزمات بدون رؤية واضحة.

إن الاقتصاد العالمي في اعتقادي بدأ يشهد بوادر توحي بإمكانية حدوث تغييرات جذرية في النظام القائم لسببين. أولا عدم قدرة المدافعين عن النظام القائم بتقديم أي أفق للحل و ثانيا استعداد دول مثل روسيا والصين للعب دور أكبر كلما زاد حجم الأزمة. إن تغييرا من هذا النوع من شأنه أن يهدد بتغيير موازين القوى العالمية وهو ما لن تقف أمامه القوى الحالية موقف المتفرج، مما قد يخرج الصراع إلى ما هو أبعد من الاقتصاد بكثر.