قليلة هي الكتب التي كتبت عن المملكة، على مدى الثمانين سنة الماضية، ومنها كتب عن مرحلة تأسيس الدولة السعودية الثالثة، كتبها عبد الله فيلبي، وخير الدين الزركلي، وحافظ وهبة، وفهد المارك، ولاحقاً كتاب "المملكة" لروبرت ليسي، ألحقه مؤخراً بكتاب "داخل المملكة"، والمؤرخ الروسي فاسيليف.
الكاتبة، والمراسلة لجريدة "الوول ستريت جورنال"، السيدة كارين أليوت هاوس، وهي الحائزة على جائزة "بوليتزر" للصحافة، زارت المملكة مرات عديدة خلال الخمس وثلاثين سنة الماضية، وكتبت مقالات، وأبحاث سياسية، ومؤخراً كتبت كتاباً يركز على الجانب الإجتماعي من المجتمع السعودي، وما يمر به من تحولات، تحت عنوان "عن المملكة" On Saudi Arabia (أهلها، تاريخها، دينها، خطوط تقسيمها، ومستقبلها).
وقبل تلخيص محتويات الكتاب، لابد من الإشارة إلى أن الكتاب بمجمله يرسم صورة سلبية حول المجتمع السعودي، وما يمر به من تحولات، وأحياناً من تناقضات، ولكن موقع المؤلفة، وما بذلته من جهد، سيترك لها الكثير من المصداقية، عند قرائها، خصوصاً وأنها قضت أشهراً في المملكة (2006 – 2011م)، وقابلت مختلف الشخصيات، بل الأهم أن عائلة مدرس مادة الحديث، يقيم في حي السويدي بالرياض، قد إستضافتها لمدة أسبوع (على أمل إقناعها بالتحـوّل إلى الدين الإسلامي)، وكتبت عن حياة تلك العائلة، المكونة من زوجتين،وخمسة عشر إبناً، وبنتاً، ورغم وجود جهاز تلفزيون، فالمحطات الوحيدة، هي قنوات المجد، والإنترنت يفتح من قبل الأم، ولغرض التدريس فقط.
الكاتبة تتحدث عن ثلاثة تيارات (أو قوى)، تتجاذب المجتمع السعودي:-
-الشريحة الأولى: هي عامة الناس، وهم في الغالب محافظون، ومتدينون (وليسوا بالضرورة مؤيدين للعنف)،ولكنهم بسبب تعليمهم، وتربيتهم التقليدية، لا يؤمنون بالتطور، وإن كانوا يستفيدون من كل وسائل الراحة،التي توفرها المدنية الحديثة.
-الشريحة الثانية: هي جيل الشباب الإنترنتي، وهو الجيل الصاعد (70% من الشعب عمره أقل من 30 سنة)،وهذا الجيل يتطلع إلى التغيير، والتطوير، ولا يتبع بالضرورة ماسار عليه الآباء، والأجداد، وهو متأثر، وجاهز للتأثر،بكل التغيرات الجارية حوله، أو ما يحصل عليه من معلومات من الفضائيات، أو شبكة الأنترنت.
-الشريحة الثالثة: هي الحكومة، ودورها محوري أكثر من أي حكومة أخرى، بسبب إعتماد الإقتصاد شبه الكليّ على دخل البترول، ورغم أنه تاريخياً، كانت الحكومة تتخذ موقفاً متوسطاً بين دعاة التغيير، والرافضين للتغيير، إلا أن الكاتبة قد إستنتجت أنه لم يعد واضحاً موقف الحكومة، من عملية الإصلاح بشكل عام، وبالتأكيد من عملية الإصلاح الإقتصادي، في ظل أزمات التضخم، والإسكان، والبطالة.
قد نتفق، أو نختلف مع المؤلفة في تحليلاتها، وإستنتاجاتها، وقدلا يكون الكتاب قد أتى بجديد، ولكن أهميته،كما ذكرت، هو من شخصية مؤلفته، وسيكون مرجعاً للآخرين، عند رغبتهم في التعرف على المجتمع السعودي.
أخيراً أود أن أقص لكم عن رحلتي للحصول على الكتاب:-
شاهدت مقابلة للمؤلفة، في لقاء مع الإذاعي الأمريكي شارلي روز، تحدثت فيه عن الكتاب، فطلبت الكتاب من شركة "أمازون"، وشحن الكتاب إلى البحرين، ولكن شركة الشحن السريع إمتنعت من نقل الكتاب إلى الرياض،بسبب منعه، فقام أحد الشباب لديّ، بإنزال الكتاب في الكمبيوتر، مقابل مبلغ (14) دولار، أي مبلغ (52) ريال،وهو ما يدلل على أن الرقيب الإعلامي، مازال يعيش في عالم آخر، غير عالمنا اليوم!!
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
كنت أتمنى لو أدليت برأيك عن الكتاب ، بدلا من تركنا فى حيره بين حانا ومانا . ولو أن من خاتمة المقاله أشم ريحة التـأ ييد للكاتبه فيما توصلت اليه بالنسبه للشريحة الثالثه على الأقل ، والله أعلم . شكرا أستاذ.
من يريد كتابا يتحدث عن المجتمع السعودي في عيون غربية فلاشك بان من افضل الكتب هو كتاب " Inside the Desert Kingdom " للكاتبة " Sandra MacKey " وهو حقيقة كتاب موسوعي عن المجتمع السعودي لسيدة امريكية زوجة لاحد اطباء المستشفى التخصصي وهي اصلا صحفية مراسلة لصحيفة الكريستيان ساينس مونيتر .......كتاب اكثر من ممتاز يقدم نظرة من الداخل للمجتمع السعودي وتنافضاته وعوامل القوة والضعف فيه .....وهو مؤلف في ثمانينات القرن الماضي ..........وبالطبع الكتاب ممنوع وتلقت مؤلفته انتقادات من شخصيات سعودية بارزة .
اشكرك اخي شاري على طرحك ، انا قرأت للـ sandra mackay author كتاب عن السعوديين يحمل عنوان The Saudis صدر لها هام 1987م، ولا اعلم هل هي التي عنيتها في تعليقك ام ساندرا اخرى ، عموماً الكتاب والمؤرخين الغربيين في المجمل يقيسون ثقافة الاخرين على ثقافتهم وقناعاتهم هذا ( إذا احسنا الظن ) بهم ، لذلك ترى وتلمس انتقادهم المباشر او المبطن لمن يخالفهم . اشكرك مرةً اخرى ، حفظك الله
احنا عارفين مجتمعنا اكثر منها مدري ايش يحمس لكتب مثل هذه. اذا هي عاشت كم سنة بسيطة بدون معرفة اللغة احنا عشنا طول اعمارنا هنا ونتكلم اللغة المحلية ونعرف الكثير من الأمور. لكن مع ذلك, قلة من يستطيع رؤية المجتمع "من فوق" أو من خارج الدائرة, فغالبا يكون متقوقع حول مجموعته
"بل الإنسان على نفسه بصيرة" عارفين البير وغطاه.
ليتك يااخي المعتصم بالله اكتفيت بالآية الكريمة فقط حفظك الله
احيانا كثيره الشخص الذي خارج الصندوق تكون نظرته اكثر حياديه وينبهك على نقااط تعودت عليها ولم تعد تلاحظها .