صيغت الفقرة التي أضيفت للمادة السادسة من نظام مكافحة التحرش بعناية، حيث قيد التشهير ونشر ملخص الحكم على نفقة المحكوم عليه في صحيفة أو أكثر على نفقته الخاصة: «بحسب جسامة الجريمة وتأثيرها على المجتمع»، فالمشرع هنا راعى تفاوت جرائم التحرش، حمى سمعة من لم تبلغ جرائمهم حد التأثير على المجتمع، وشهر بمن يشكلون خطرا على المجتمع !
على سبيل المثال لا يمكن أن أساوي بين مراهق يلاحق فتاة في السوق ليسمعها عبارات الغزل ومجرم يمارس التحرش لهتك العرض واغتيال الطفولة، فالأول يمر بحالة طيش عمرية عابرة، والثاني يمثل حالة إجرامية دائمة، ولا يمكن أن أقضي على مستقبل الأول دون أن أمنحه فرصة النضج من حالة مر بها كثيرون قبله وتجاوزوها بتجاوز مرحلة طيش المراهقة ليمارسوا حياة طبيعية، بينما يجب أن أحمي المجتمع من الذئاب البشرية التي تعاني من طبيعة منحرفة أدمنت اصطياد ونهش الضحايا في محيط الأسرة أو المدرسة أو الحارة أو العمل أو عبر وسائل التواصل وبرامج الألعاب الإلكترونية !
ومن هنا جاء التعديل متوازنا ومراعيا لطبيعة المجتمع، يمنح الفرصة لمن يحتاج وحسب للتقويم والتأديب دون القضاء على سمعته ومستقبله، بينما يشهر بمن يشكلون خطرا وخاصة للأطفال العاجزين عن حماية أنفسهم، فيردع من تسول له نفسه الانحراف، ويفضح من يعجز عن كبت شهواته وكف نزواته عن أن تؤذي الآخرين وتغدر ببراءتهم !
باختصار.. لم يعد بإمكان الذئاب أن تتجول بيننا مختبئة تحت جلود الحملان !
نقلا عن عكاظ