سياسة التخصيص ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة

30/12/2012 4
عمار الهاشمي

يشهد العالم المتقدم والنامي اهتماما خاصا في التوجه نحو تخصيص بعض الأنشطة الحكومية ومشاركة القطاع الخاص في المشاريع التنموية تماشيا مع سياسة العولمة والانفتاح الاقتصادي واقتصاديات السوق حيث أصبح تخصيص الأنشطة الحكومية  ومن اهمها قطاع الخدمات البلدية أمرا ضروريا في تحقيق التنمية المستدامة والتقدم المنشود لتلك الدول.

وقد أعطت المملكة حافزا قويا لسياسة التخصيص من خلال الخطط التنموية وذلك بابتعاد الدولة عن النشاط الاقتصادي الذي يمكن أن يشغله القطاع الخاص بالإضافة إلى توفير فرص الاستفادة من قدراته وإمكانياته لإنتاج وتوفير العديد من الخدمات واستمرت هذه السياسة في الخطط التنموية ولاسيما الأخيرة بتوجيهات سامية من جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله لنقل مساهمة الدولة في بعض المرافق الحكومية إلى القطاع الخاص والاستمرار في زيادة حصته في الاقتصاد القومي.

وقد قامت وزارة الشئون البلدية والقروية في دراسة الأنشطة والخدمات البلدية التي يمكن القطاع الخاص المشاركة في إدارتها بهدف رفع مستوى الأداء والكفاءة وتحقيق التميز والتنافس الإيجابي. وعمل استراتيجية خاصة تشمل آلية تنفيذ الخصخصة للخدمات والأنشطة المؤهلة ترفع إلى المجلس الاقتصادي الأعلى للنظر في إقرارها كإستراتيجية عمل عامة.

تعرف الخصخصة بأنها عملية تحويل ملكية شركات ومؤسسات القطاع العام إلى القطاع الخاص، كما أنها تأخذ شكل آخر وهو أن تتوقف الدولة عن تقديم خدمات قد اعتادت الدولة على تقديمها والاعتماد على القطاع الخاص لتقديمها وتتبع في ذلك أساليب علمية كأن تقوم الحكومة ببيع أسهم الشركات للمواطنين وأن يشتريها مجموعة من المستثمرين. وتعطي الدولة الشركات عقود امتياز على مدى 20 أو 25 سنة مثل الموانئ ويقوم القطاع الخاص بإدارة وتشغيل مرافق حكومية بشكل كامل مثل المطارات كما يمكن للقطاع الخاص ابتكار إدارة جديدة لإدارة وتشغيل ممتلكات وشركات القطاع العام مقابل مبلغ معين أو تحويل بعض خدمات القطاع العام إلى القطاع الخاص كتنظيف المرافق الحكومية والمستشفيات أو جمع النفايات.

وقد استحقت عملية التحول من القطاع العام إلى الخاص أهمية قصوى في بداية العقد الأخير من القرن العشرين مع سيطرة المحافظين على السلطة في الولايات المتحدة وبريطانيا إضافة لتفكك الاتحاد السوفيتي والتحولات الديمقراطية في أوربا الشرقية كان لها الأثر الكبير في دفع عجلة الخصخصة حيث كان الاتجاه السائد في الدول المتقدمة هو توسيع وتحرير دور القطاع الخاص وتقليل الاعتماد على القطاع العام في إنتاج السلع والخدمات .

تساهم الخصخصة في تحقيق توزيع أفضل وإدارة أكفأ للموارد الاقتصادية المتاحة وتوفير فرص استثمارية للقطاع الخاص تمكنه من توظيف مدخراته واستثمارها ما يساهم في الحد من حركة رؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج وتدعيم قدرة القطاع الخاص على خلق فرصة للعمالة الوطنية وتشجع على جذب المزيد من رؤوس الأموال الوطنية وتشجيع الاستثمار الأجنبي .

ويمكن تحديد الأهداف المنشودة لسياسة الخصخصة وأهمها تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والكفاءة والتي تقتضي خلق مناخ تنافسي بين القطاعات الاقتصادية وبين الشركات الاقتصادية داخل كل قطاع إضافة إلى الأهداف المالية التي تسعى إلى ايقاف نزيف موازنة الدولة إلى جانب توسيع وتنويع قاعدة الملكية.

تعتمد سياسة التخصيص على ثلاثة متغيرات وهي الدولة ورجال الأعمال والمواطن ويتلخص دور الدولة في اتخاذ قرار التوجه للخصخصة وتهيئة المناخ والبيئة التشريعية والتنظيمية وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي كما يتمثل دور رجال الأعمال في تحمل مخاطر الاستثمار وعدم التردد أما المواطن فدوره أساسي وجوهري واستراتيجي في فهم واستيعاب سياسة الخصخصة وإيصال فكرة ومفهوم الخصخصة وتسويقها للمواطنين من خلال برامج إعلانية وتقديمها بشكل علمي وحضاري.