الدول الصناعية بدأت إنتاجها الصناعي بسواعد شعوبها. بإمكان الدول شراء المعدات من الغير، ونقل التقنية وتوطينها بمساعدة الغير، ولكن الشعوب هي التي تحقق أحلام مشاريعها بسواعد أبنائها وعقول مواطنيها
لتحقيق أهدافنا الصناعية، يفتتح وزير التجارة والصناعة أول مصنع متكامل لصناعة السيارات في دول الخليج العربية بالتعاون مع شركة "إيسوزو" العالمية لإنتاج سيارات وشاحنات النقل في المدينة الصناعية الثانية بالدمام.
يمتد المشروع على مساحة 120 ألف متر مربع وتقدر حجم استثماراته بحوالي 500 مليون ريال، ليقوم على تصنيع متكامل لأجزاء الشاحنات ويساهم في توطين التقنية والخبرات ويفتح فرصاً استثمارية واعدة لإنشاء مصانع أو خطوط إنتاج جديدة في مصانع قائمة لإنتاج أجزاء ولوزم السيارات، مثل البطاريات وزجاج السيارات والفلاتر والزيوت وبعض الأجزاء المعدنية والكهربائية والبلاستيكية. هذا المشروع يهدف إلى إنتاج 600 شاحنة نقل متوسط في العام القادم والوصول إلى إنتاج 25000 شاحنة نقل سنوياً مختلفة الأنواع مع بداية عام 2017. وستعمل الشركة على تصدير 40% من الإنتاج الى الأسواق العالمية وإيجاد 800 فرصة عمل للمواطنين الأكفاء.
جميع الدول الصناعية بدأت خطوات إنتاجها الصناعي بسواعد شعوبها وأحلام أبنائها. بإمكان الدول شراء المعدات والأجهزة من الغير، ونقل التقنية وتوطينها بمساعدة الغير، وتمويل المشاريع وتشغيلها بواسطة الغير، ولكن الشعوب هي التي تحقق أحلام مشاريعها الصناعية بسواعد أبنائها وعقول مواطنيها ودعم حكوماتها وتشجيع المسؤولين فيها.
هكذا حقق المواطن الكوري "بيونج شول لي" أحلامه لدى تأسيس شركته في عام 1938، فأنشأ متجراً لبيع الأرز والسكر وأسماه “سامسونج”، وتعني بالكورية “النجوم الثلاثة”، وقصد بها الأهداف الرئيسية لأحلامه: "أن تكون كبيرة وقوية ومستدامة". وهذا ما حققه بالفعل، فعندما انتقلت كوريا من عهد الزراعة إلى عصر الصناعة، حَوَّلَ "بيونج شول لي" مخازن “سامسونج” لبيع الأرز والسكر إلى مصانع “سامسونج” لإنتاج أجهزة التلفاز والغسالات والثلاجات، فجاءه الدعم والتشجيع من حكومته، ووقفت البنوك الكورية إلى جانبه، مما ساعده على تقديم العروض المبتكرة في طرق الدفع والضمان بعد البيع، فاستطاع أن يغزو العالم أجمع بمنتجاته.
اليوم، بتشجيع وزارة العمل الكورية، يعمل في شركة “سامسونج” أكثر من 452,330 موظفا وفنيا لتفوق أرباحها مجموع أرباح "ميكروسوفت" و"جوجل" و"آبل"، ولتعادل ضعف الدخل القومي لنصف دول العالم العربي، ولتحتل المرتبة 35 بين أكبر اقتصاديات العالم.
واليوم، بدعم وزارتي البلديات والإسكان الكورية، تملك شركة "سامسونج" 9 مدن متكاملة في كوريا الجنوبية باسم “مدن سامسونج الرقمية”، تحتوي على 5 جامعات عريقة و1500 معهد فني وآلاف المدارس الذكية وعشرات الآلاف من الوحدات السكنية الفاخرة، التي يقطنها 62,000 عالم وباحث في مختلف مجالات العلوم والتقنية، ليفوق عددهم ثلاثة أضعاف مجموع عدد العلماء والباحثين في دول الخليج العربية.
واليوم، بتشجيع الجامعات ووزارة التعليم الكورية، تفتخر شركة "سامسونج" بأبحاثها التقنية وبراءات الاختراع التي حصلت عليها لتفوق 100,000 براءة مسجلة في 83 دولة، لتساوي 6 أضعاف عدد براءات الاختراع التي حققها علماء العالم العربي بكامله في العام الماضي.
واليوم، بدعم وزارة التجارة الكورية، تحتل شركة "سامسونج" المركز الأول بنسة 56% من حصة السوق العالمية في الهواتف الذكية، تلتها شركة "أبل" الأميركية بنسبة 27% وتأتي الشركة الصينية "هواوي" بالمرتبة الثالثة بنسبة 26%، بينما تراجعت شركة "نوكيا" الدنمركية للمركز العاشر وجاءت "موتورولا" في المرتبة 11. وفي العلامات التجارية ارتفعت قيمة شركة "سامسونج" بنسبة 41% إلى المرتبة 9، في حين تراجعت قيمة شركة "أي بي إم" من المركز الثاني في عام 2011 إلى الثالث في عام 2012 بمعدل 8%، وحافظت "جوجل" على مركزها الرابع بمعدل زيادة 26%، أما "مايكروسوفت" فلقد تراجعت من المركز الثالث إلى الخامس وذلك عن طريق تناقص قيمة علامتها التجارية بنحو 2%.
واليوم، بتشجيع وزارة الصناعة الكورية، أصبحت شركة "سامسونج" ليست مجرد شركة لصناعة أجهزة التلفاز والهواتف الذكية فقط، بل تقوم بتصنيع كافة الأجهزة الكهربائية التي نستخدمها في حياتنا اليومية، وأصبحت أكبر شركة لصناعة تقنية المعلومات في العالم وثاني أكبر مُصنّع للسفن في العالم، واحتلت المرتبة 35 في قائمة كبرى شركات البناء في العالم والمركز 14 في قائمة كبرى شركات التأمين في العالم، والمرتبة 18 في أجهزة الأمن والمركز 19 في قائمة كبرى شركات الدعاية في العالم.
بافتتاح مصنع السيارات السعودي في الدمام تحقق هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية "مدن" أحلامنا باعتمادها على سواعد شبابنا وعقول أبنائنا. لدى إنشاء "مدن" في عام 2001، كانت أحلامها تتمثل في تطوير الأراضي الصناعية المتكاملة، لتحقق أهدافها اليوم بالإشراف على 28 مدينة صناعية. كما أن هناك مدنا صناعية تحت التخطيط والتصميم، ليصل إجمالي عددها خلال 5 سنوات إلى 40 مدينة بمساحات مطورة لا تقل عن 160 مليون متر مربع.
اليوم أصبحت المدن الصناعية القائمة تضم أكثر من 3000 مصنع وتزيد استثماراتها على 250 مليار ريال ويعمل فيها أكثر من 300 ألف موظف، وتحتوي على العديد من المزايا الاقتصادية والحوافز الجاذبة للمشاريع الصناعية والتقنية والخدمية والسكنية والتجارية، فالإيجار السنوي للأرض يبدأ من ريال واحد للمتر المربع، وصناديق التمويل الحكومية والبنوك تقرض المشاريع الصناعية بقروض ميسرة تصل إلى 75% من رأس المال ومدة سداد تصل إلى 20 سنة، إضافة إلى دعم الصادرات وتقديم الضمانات لها والإعفاء الجمركي للواردات من المواد الخام والآلات.
أهداف الصناعة لا تتحقق بالأحلام فقط... ولن تتحقق بدونها.
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع