الفرق بين تكرير البترول وتصنيع البترول

24/11/2012 11
د. أنور أبو العلا

 ظاهرة من الظواهر الصحية هو اهتمام بعض أعضاء مجلس الشورى النشيطين (طوّل الله أعمارهم) مؤخراً بإثارة النقاش في بعض مواضيع شؤون البترول:كالاحتياطي والإنتاج والاستهلاك المحلي والتصنيع. اليوم سأركّز على موضوع الشأن الأخير أي تصنيع البترول.

الذي يجعلني أُحاول الآن توضيح الفرق بين تكرير البترول وبين تصنيع البترول هو الحماس المتزايد للمطالبة بتصدير البترول بعد تكريره بدلاً من تصديره خام. بينما المفروض (وأعتقد أنه الشيء الذي يعنيه مجلس الشورى) هو المطالبة بتصنيع البترول.

الفرق كبير بين التصنيع وبين التكرير، فتصنيع البترول هو تحويله إلى منتجات (طيبات) نهائية لا تعد ولا تحصى لإشباع حاجات المستهلك النهائي تضيف أعلى قيمة مضافة يستحقها البترول (الذهب الأسود) بينما تكرير البترول بغرض تصديره لاستخدامه (بالأحرى حرقه) كوقود في الواقع لا يضيف كثيراً (كما يعتقد البعض) إلى الايرادات الصافية عن ايرادات تصديره خاماً.

الحقيقة التي قد تكون خافية على البعض هو أن الفرق الكبير بين سعر البرميل الخام وسعر البرميل المكرر ليس هو بسبب القيمة المضافة للتكرير بل إن معظم الفرق بين السعرين يذهب لإيرادات حكومات الدول المستهلكة (الضرائب الباهظة) ثم إيرادات التوزيع (النقل والتأمين ومحطات البيع) ثم أقلها كثيراً إيرادات المصافي التي بعد خصم تكاليف التكرير وضريبة القيمة المضافة VAT لا يتبقى لها كربح (دخل صافي) إلا جزء صغير لم يعد يغري المستثمرين على إنشاء مصاف جديدة وهذا في اعتقادي هو الذي يدفع أرامكو إلى أن تتحمل إنشاء المصافي في أماكن الاستهلاك العالي للبترول لإيجاد سوق وليس لأنها ستحصل على ايرادات أكثر من تكرير البترول الخام.

مثال للتوضيح:لقد قمت بإجراء حسابات مبدئية لحساب الفرق بين سعر برميل البترول الذي ستبيعه أرامكو لو صدرته خاماً وبين سعر البرميل لو صدرته بعد التكرير فوجدت أنه إذا كان سعر البرميل الخام 100 دولار مثلاً فسيكون سعر المكرر 103.3 دولارات تقريباً.سيقول البعض أن فرق 3.3 دولارات في البرميل الواحد يعني أننا سنحصل على عشرين مليون دولار في اليوم إذا تم تصدير ستة ملايين برميل وهذا يعتبر خيراً كثيراً.الحقيقة أن ال 3.3 دولارات ليست هي دخلاً صافياً لأرامكو لأنها ستدفع منها تكاليف التكرير وكذلك تكاليف الزيادة في نقل المكرر عن الخام بل حتى زيادة تكاليف التأمين.

إذن تكرير البترول ليس هو تصنيعه كذلك المصافي ليست هي مصانع أي أن مجرد إنشاء مصافي لتكرير البترول ثم تحميله مكرراً على ظهر السفينة لتصديره للخارج لا يفرق كثيراً عن إخراجه من البئر وتحميله خاماً على ظهر السفينة لتصديره للخارج.

الخلاصة هي:

-يجب ألا نخدع أنفسنا فنتصور أن مجرد تحولنا من دولة مصدرة للبترول الخام إلى دولة مصدرة للبترول المكرر سيجعلنا دولة صناعية.

-كذلك يجب ألا نخدع أنفسنا فنتصور أن مجرد تحولنا من دولة مصدرة للبترول الخام إلى دولة مصدرة للبترول المكرر سيضيف كثيراً إلى ايراداتنا من تصدير البترول.

موضوع الأسبوع القادم - إن شاء الله - هو اقتراح وضع استراتيجية ناجحة - باذن الله - لتصنيع البترول في مصانع داخل الوطن بأيد عاملة وطنية مائة في المائة.