هذا الجزء الاول لسلسلة مكونة من 5 اجزاء من خلالها نقدم بعض الاسباب التى ادت بدولة مثل المملكة عدد سكانها لايزيد عن 30 مليون نسمة ان تقارن او تزيد فى استهلاكها من الطاقة الكهربائية والمنتجات النفطية بدول صناعية كبرى و ذات كثافة سكانية عالية مثل, الصين, الهند, اليابان,كوريا, تركيا, المكسيك, البرازيل وغيرهم ؟ البداية,
فى كتاب صدر فى عام 2004م عن اساليب وطرق الهيمنة التى تتبعها الحكومة الامريكية للسيطرة على الدول التى ترى بانها هامة لامنها القومى خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتى تحدث الكاتب جان بيركنس ومن واقع تجربة مباشرة لاحداث وقعت فى اوخر الستينيات وبداية السبعينيات الميلادية فى العديد من الدول حول العالم منها دول المنطقة بقيام الولايات المتحدة,
بادخال الدول الغنية المستهدفة ذات المصادر المالية والطبيعية الضخمة كادول الخليج والمملكة بالذات ولضمان عدم خروج تلك الدول عن نطاق السيطرة فى مشاريع تستنزاف مصادرها الطبيعية ومواردها المالية حتى تنضب عن طريق تقديم احلام رائعة ووردية عن مستقبل نمو صناعى,
والذى يتطلب بطبيعة الحال زيادة الطلب والتوسع فى انتاج واستهلاك الطاقة الكهربائية بالطرق التقليدية (النفط والغاز) والتى تعد احد افضل الاساليب التى تستخدم من قبل الولايات المتحدة طبقا للكاتب لاستنزاف المصادر الطبيعية و المالية للدول المستهدفة,
يذكر ان الكاتب جان بيركنس احد الذين شاركو فى وضع اللبنات الاولى لخطط التنمية بالمملكة فى بداية السبعينيات الميلادية التى شهدت احداث هامة خلال الفترة من عام 1971م وحتى عام 1975م منها فك ارتباط الذهب بالدولار فى 15 اغسطس 1971م من قبل الرئيس نيكسون , حرب 1973م وارتفاع اسعار النفط الى 13 دولار بعد ان كانت اقل من دولارين قبل حرب اكتوبر, دخول اتفاقية ربط مبيعات النفط بسعر صرف الدولار حيز التنفيذ وبداية استثمار عائدات النفط المالية للمملكة فى سندات الخزنة الامريكية عام 1974م,
ايضا يجب الاخذ بعين الاعتبار انة خلال فترة السبعينيات الميلادية كانت غالبية القيادات العليا القائمة على صناعة النفط ومستشاري خطط التنمية بالمملكة من او تابعين لشركات امريكية عاملة فى المملكة,
اضافة الى ذلك شهد بيركنس تاسيس قطاع انتاج الطاقة الكهربائية بالمملكة والتى تعود بداياتها الى عام 1961م من خلال وزارة التجارة تحت مسمى ادارة شؤون الكهرباء قبل ان يتم فصلها عن وزارة التجارة عام 1972م تحت مسمى وزارة الكهرباء والخدمات,
فى عام 1974م وضعت تعرفة الاستهلاك للطاقة الكهربائية للمستهلكين خاصة الشركات والمصانع عند مستوى اقل (سعر رمزى) من التكلفة الفعلية وهو اجراء من شانة ان يضع دراسات الجدوى الاقتصادية للتوسع والنمو فى اقامة المشاريع الصناعية فى مجال تنافسى و ذو عوائد مربحة وهو ما بدا فى عام 1975م بعد ان اعتمدت الحكومة خطط التنمية التى تتطلب بطبيعة الحال استثمارات ضخمة فى قطاع انتاج الطاقة الكهربائية.
على سبيل المثال خلال السنوات الخمس الاولى من بداية خطط التنمية من عام 1975م وحتى عام 1979م ارتفع معدل الاستهلاك السنوى بنسبة تصل الى 37%, فترة الثمنينيات الميلادية انخفض معدل الاستهلاك ليصل الى نسبة 24% سنويا,
هذا يعنى ان معدل النمو الاستهلاكى السنوى من منتصف السبعينيات وحتى نهاية الثمنينيات الميلادية وصل الى حوالى 30% وهى الفترة التى شهدت دخول المملكة عصر الصناعة واقامة المدن الصناعية.
وكان نضوب النفط وتنويع مصادر الدخل احد اهم العوامل التى استخدمت لدفع المملكة الدخول فى مجال التصنيع على الرغم من ان المملكة فى ذلك الوقت ( بداية السبعينيات الميلادية) لا تملك مؤهلات الدولة الصناعية,
بتوفر راس المال والايدى العاملة المهرة باعداد كبيرة واجور متدنية التى تعد المحرك الاساسى للنمو الاقتصادى الى جانبا افتقاد المملكة لعامل التقنية الذى ادخلة روبرت سولو الحائز على جائزة نوبل فى الاقتصاد عام 1987م على اساسيات النمو الاقتصادى بسبب محدودية التعليم ومعاهد التدريب.