ارفع أسعارك يا تاجر.. استغل جهلنا!

06/11/2012 14
عبد الحميد العمري

التاجر في مرابعنا إذا تحدّث وأتى بالبدع جهلاً كان أم علماً، من يناقشه؟ من يوقفه؟ التجربة تقول لا أحد. شماعة الدهر على لسانه كلما رفع سعر منتجاته أو بضاعته، أن أسعار المدخلات وتكاليف الإنتاج ارتفعت، ولكي يضعك في الركن الذي لاتتنفس فيه، يصفعك بنسبٍ مئوية تُلجم لسانك الطويل! ثم يؤكد لك في بيانه المنشور، أن وتيرة الارتفاع شأنٌ عالمي عمَّ أرجاء كل الاقتصادات حول العالم!

لنختبر هذا على ما قامت به إحدى الشركات مؤخراً، التي رفعتْ أسعار الحليب طويل الأجل والحليب المنكّه بنسبٍ تراوحت بين %20 إلى %28، مبررةً ذلك الرفع: بأن أسعار الأعلاف التي تعتبر من أهم مدخلات الإنتاج، زادت أسعارها (عالمياً) ما أثّرَ بدوره على تكاليف إنتاج الحليب.

حسناً، هل ارتفعت الأعلاف فعلاً كما تقول الشركة؟! لنقم بزيارةٍ خاطفة إلى أحد المواقع المالية الأبرز عالمياً كموقع www.finviz.com ونتأكّد. يُظهر الموقع أن أسعار الأعلاف تغيرت أسعارها (صعوداً، هبوطاً) حتى 3 نوفمبر 2012م، للفترات الزمنية التالية: خلال عام مضى، منذ بداية عام 2012م، خلال نصف عام مضى، خلال شهر واحد مضى، على النحو الآتي بنفس الترتيب: +%1.8، -%1.0، -%3.4، -%0.3. قارن هنا بين مبررات الشركة وما جاء في الموقع المالي (العالمي)، لا أحد هنا يدينها، لا أنا ولا حتى (جمعية حماية المستهلك) التي لاتزال تتطلع على حيثيات رفع الأسعار! إنّما الإدانة ها هنا أتتْ من ذات الأرقام (العالمية) التي احتجّتْ بها الشركة.

لايُخرجك من أسْرِ (المنطقة الرمادية) إلا المعلومة الدقيقة! فإمّا -بصريح العبارة- أن تحرّك قدميك إلى اللون الأبيض أو اللون الأسود، أمّا البقاء في (المنطقة الرمادية) فسيُبقيك مُلْجَم اللسان أمام جهلك! قبل أن يكون أمام حضرة التاجر، تماماً كما هو حادث لأنداده كجمعية حماية المستهلك الغارقة حتى الآن بالاطلاع على الحيثيات! أو ضحاياه من مجتمع المستهلكين المغلوبين على أمرهم.