لن تتأثر أسواق النفط بمصادر الطاقة المتجددة إلا تلك التي تستخدَم في قطاع المواصلات مثل الإيثانول. فالتوسع في إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح لا يؤثر كثيراً في أسواق النفط، لأن الدول المستهلكة الكبرى لا تستخدم إلا كميات ضئيلة جداً من النفط في توليد الكهرباء، وتنتَج غالبيتها من الفحم والغاز والمصادر النووية. من هنا تنبع أهمية الإيثانول المنتج من قصب السكر أو الذرة لأنه يستخدم كوقود مثله مثل البنزين كما هي الحال في البرازيل، أو يمزج مع البنزين بنسب معينة، تساوي في الولايات المتحدة مثلاً من 10 إلى 15 في المئة في الغالب.
لا شك في أن فكرة الحصول على الوقود من نباتات نزرعها باستمرار فكرة نبيلة، لكن المشكلة أن قوى السوق لا تدعمها، الأمر الذي حتم على بعض الحكومات دعمها بمئات البلايين من الدولارات خلال السنوات الماضية، الأمر الذي أدى إلى نتائج كارثية، فالمزارعون الأميركيون تحولوا من زراعة المحاصيل المختلفة إلى زراعة الذرة، ما أثر في إمدادات الحبوب في العالم ورفع أسعارها إلى مستويات صعّبت على الدول الفقيرة الحصول عليها، ورفع تكاليف الأعلاف، ما رفع أسعار اللحوم، كما أثر في إمدادات المياه والأسمدة. وأثّر مزج الإيثانول سلباً في أسواق البنزين في الولايات المتحدة حيث أصبحت أكثر تذبذباً، لأن إمدادات الإيثانول مرتبطة بإمدادات الذرة، وإنتاجية الذرة تعتمد على حال الطقس، والطقس متقلب. وترتبط إمدادات الإيثانول بكمية الإعانات، وكمية الإعانات مرتبطة بالموازنة السنوية للحكومة الفيديرالية، والتي تتغير باستمرار.
ونظراً إلى مساوئ الإيثانول المنتج من الذرة، قدّمت إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش إعانات ضخمة إلى الشركات التي تطور الإيثانول من الحشائش السكرية ومخلفات النباتات والأخشاب بدلاً من الحبوب، واستمرت هذه الإعانات في عهد الرئيس باراك أوباما. وعلى رغم كل الدعم الحكومي منذ أيام بوش، فشلت الصناعة في إنتاج هذا الوقود في شكل تجاري، الأمر الذي أدى إلى إغلاق العديد من المعامل وإفلاس بعض الشركات. والأسبوع الماضي ألغت شركة «بريتيش بتروليوم» (بي بي) مشروع إنتاج الإيثانول من الحشائش السكرية ومخلفات النباتات في ولاية فلوريدا الأميركية، والذي بدأ التخطيط له عام 2008. وكان من المقرر أن ينتج المصنع 36 مليون غالون سنوياً من الإيثانول. وأعلنت الشركة أنها ستوقف عملياتها في هذا المجال في كل الولايات المتحدة.
وكانت «بي بي» اشترت التكنولوجيا وأصولاً من شركة «فيرنوم»، التي طورت الأنزيمات اللازمة لاستخراج الإيثانول من الحشائش. وعانت «فيرنوم» مشكلات مالية في السنوات الماضية وكانت على حافة الإفلاس عام 2010. ونهاية العام الماضي أفلست شركة «رينغ فيولز» المتخصصة في إنتاج الإيثانول من الحشائش ومخلفات النباتات والأخشاب، على رغم حصولها على ضمانات مالية وإعانات من الحكومة الفيديرالية تجاوزت 155 مليون دولار. وكان مفترضاً ان تنتج 20 مليون غالون من الإيثانول عام 2008 و100 مليون غالون عام 2009. ونهاية عام 2010 أفلست شركة «سايلو إنرجي» التي كان مفترضاً ان تنتج 70 مليون غالون من الإيثانول من مخلفات الأخشاب. ويذكر أن شركات أخرى تنتج الإيثانول من الذرة أفلست أيضاً في الأعوام الثلاثة الأخيرة.
وإذا نظرنا إلى أسهم الشركات المتخصصة في إنتاج الإيثانول من الحشائش ومخلفات النباتات والأخشاب، نجد أن أسعار أسهمها انخفضت بين 50 و90 في المئة خلال الشهور الـ 10 الأخيرة. وعلى رغم إصرار بعض الشركات الكبيرة، خصوصاً النفطية، على إنتاج الإيثانول عام 2013 وما بعده، يبقى هذا الإنتاج مدعوماً جداً من الحكومة، ومازال يعاني مشكلات مالية.
الحقيقة أن إنتاج الإيثانول كان ومازال يعاني مشكلات كبيرة، فقد سمعنا قبل أكثر من عقدين أنه سيصبح حقيقة خلال بضع سنوات، والآن، وبعد مرور عقدين، ما زلنا نسمع الشيء ذاته. وخططت الحكومة الأميركية أن ترفع إعاناتها للقطاع الخاص المنتج للإيثانول السكري الإنتاج إلى 500 مليون غالون حالياً، و21 بليون غالون بحلول عام 2022. لكن كم هو إنتاج الولايات المتحدة من الإيثانول حالياً؟ الكمية لا تكاد تذكر مقارنة بالهدف 8.6 مليون غالون فقط، وغطِّي العجز بالنفط، وهذا أحد العوامل المتعددة التي ساهمت في بقاء أسعار النفط مرتفعة، على رغم كل المشكلات الاقتصادية في أوروبا وغيرها. وإذا نظرنا إلى توقعات وزارة الطاقة الأميركية على مدى السنوات الماضية للعقدين المقبلين، نجد أن الوزارة رفعت كل سنة تقديراتها لإنتاج الوقود الحيوي، مرجحة أن يؤثر في نصيب النفط في شكل كبير بعد 2030.
إذا كانت شركات الإيثانول تفلس، وإنتاجه 99 في المئة أقل من المستهدف، كيف سيلبّى الطلب الكلي على وقود المواصلات في المستقبل؟ واضح أن الشعب الأميركي سيدفع ضريبة التدخل الحكومي مرتين: مرة عندما أنفقت ضرائبه على شركات مفلسة، ومرة أخرى في المستقبل عندما سترتفع أسعار النفط بسبب زيادة الطلب عليه لأسباب منها فشل برامج الوقود الحيوي.
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
كلام منطقي جميل.
من افضل المقالات .
بما ان شركات النفط العملاقة تقوم بشراء كل شركة تحاول ايجاد وقود بديل لمنتجاتها فمصير هذه الشركات المنتجه للوقود البديل الى الافلاس المتعمد من ملاكها الجدد والهدف معروف .
اخي الكريم كلامك يجافي الحقيقة. شركات النفط العملاقة التي تتحدث عنها تعاني من تناقص احتياطيتها من النفط كشل وشفرون وبي بي وهذا احد الاسباب الرئيسية لدخولها في صناعة الوقود الحيوي لضمان استمراريتهم والحصول على قدم السبق في حالة نجاح هذا السوق. يكون كلامك قابل للمناقشة لما شركات النفط الوطنية ذات الاحتياطيات النفطية الكبيرة تقوم بشراء مثل هذه الشركات.
يمكن تقسيم وسائل المواصلات إلى أربع أقسام رئيسية: 1- السيارات الخفيفة 2- السيارات الثقيلة 3- السفن 4- الطائرات التوجه الحالي هو لكهربة السيارات الخفيفة وتقليل إستخدام السيارات الثقيلة عن طريق الأستخدام المكثف للقطارات الكهربائية. أما بالنسبة للسفن و الطائرات فالمستقبل هولأستخدام الوقود الحيوي المصنع من الطحالب والحشائش ومخلفات النباتات والأخشاب ولا يتنافس مع مصادر الغذاء وهو ماتركز عليه معظم الأبحاث. ولن نرى إستخداما مكثفا لما ذكر أعلاه إلا إذا بدأ إنتاج النفط العالمي في التناقص أو وصلت أسعاره الدائمة إلى حد لا يقوى عليه الإقتصاد و أتوقع حصول هذا السيناريو بعد عشرين عاما من الان.
و ماذا عن تصنيع الوقود السائل عن طريق الغاز الطبيعي او الفحم ؟؟ هل من الممكن ان تسيطر على سوق الهيدروكربونات بعد عشرين سنة. طبعا من المتوقع ان تختفي السيارات التقليدية بعد عام 2025 في امريكا و اوروبا لصالح السيارات الكهربائية و الهجينة و يبقى الوقود السائل للإستخدامات المهمة مثل اللقيم للبتروكيماويات او وقود الطائرات.
CHEM ما تعتقد 2025 في تفائل كبير يعني 13 سنه ما راح نشوف سيارات عاديه في امريكا!! صعبه! يمكمن في كالفورنيا ولا جزء من اوروبا لكن امريكا كلها!
يكون الوضع منطقي اذا استطاعت الدول الكبرى المحافظه على كمية الوقود المستهلك حاليا, لكن واقع دول اخرى كالصين والهند والسعوديه يقول عكس ذلك, فهذه الدول وغيرها من الدول الاقل نموا في تصاعد لاستهلاك الوقود