التضخم.. هل يعود بصورةٍ أشرس؟! (1-3)

06/10/2012 1
عبد الحميد العمري

تزداد شراسة المواجهة مع التحديات الاقتصادية ووقْع آثارها، كلما كانتْ الخيارات التي بين يديك شحيحة، وتخفُّ تلك الحدّة من شراسة المواجهة لتمنحك فرصاً أكثر فسحةً لتجاوزها كلما زادت تلك الخيارات. في السياق الأول أي ذي الخيارات الشحيحة؛ يصل الأمر إلى نوعٍ من المواجهة المكلفة جداً إذا كانت تلك الصعوبات في ذروتها؛ كالبطالة والتضخم والاحتكار وتفشّي أشكال الفساد الإداري والمالي، وتقف على قاعدةٍ اقتصادية وحيدة، تعتمد بدرجةٍ كبيرة على الواردات لضعف بدائل الإنتاج المحلية لديك، حينها تفتقر لكيفية مزج خياراتك المتاحة وتوظيفها في صالحك، وفي إطار مواجهتك لتلك التحديات! هذه الصورة الأخيرة أراها كلمحةٍ معبرة عن واقع التحديات الاقتصادية القائمة في الوقت الراهن بالنسبة للاقتصاد السعودي.

الآن، يواجه الاقتصاد تحدياتٍ جسيمة متمثلة في ارتفاع معدل البطالة، وتعسّرٍ في الحصول على المسكن من شرائح واسعة من الأفراد، زاد من آثاره المزعجة تراجع مستويات الدخل بالنسبة للفئات المحدودة الدخل، إضافةً إلى عديد من التحديات التي تم الإشارة إليها في أكثر من مقامٍ ومقال. التحدّي القادم أو العائد باندفاعٍ بعد استقراره للعامين الماضيين كما تُشير التوقعات يتمثّل في التضخم، الذي وصل معدله السنوي حتى نهاية أغسطس الماضي لنحو 5 %، مدفوعاً بالدرجة الأولى من الخارج نتيجة السياسات التوسعية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الهادفة لإنعاش الاقتصاد الأمريكي من حالة التراخي والانكماش التي يعانيها منذ وقع في فخ الأزمة المالية العالمية أواخر 2008م، ونتيجة لارتباط الريال السعودي بالدولار الأمريكي، ولعامل مرور الاقتصاد المحلي بظروفٍ تختلف جذرياً عن ظروف الاقتصاد الأمريكي، فإن مرور التأثيرات إلى قوة الريال الشرائية سيكون هذه المرة أكثر وقعاً وتأثيراً.

حديثٌ حول التضخم يستحق التأمل من قبلنا، ويستحق بحثاً في البدائل المتاحة لدينا، خاصةً وأن التضخم التراكمي 2006-2012م قد وصل إلى 40.3 %، ما يعني أن أي ارتفاعٍ فيه ستكون آثاره أخطر وأكثر إيلاماً، أكمله في الجزأين المقبلين..